أطلق ناشطون مقدسيون حملة "المقدسي من تسكنه القدس"، لدعم ومساندة التجار في البلدة القديمة بالقدس، وتعزيز صمودهم ومساندتهم.
وتأتي الحملة بعد الضرر الاقتصادي الفادح الذي لحق بتجار المدينة، نتيجة الإغلاق الذي فرضه الاحتلال عليهم، بحجة مكافحة فيروس كورونا.
ودعا الناشطون العائلات المقدسية إلى حصر احتياجاتهم، والتوجه لأسواق البلدة القديمة لشرائها، بهدف مساعدة التجار للتعافي السريع، بعد أن أنهكهم الإغلاق المستمر والمشدد الذي فُرض عليهم.
ترحيب التجار
خالد غيث، أحد القائمين على الحملة، أكد أن المطلوب هو التسوق من المحال الواقعة داخل القدس العتيقة بدلا من المحال التجارية القريبة من المنزل.
وقال غيث في حديث لـ "الرسالة نت": "العائلات المقدسية استمرت بشراء حاجياتها طوال فترة الإغلاق من المحال التجارية القريبة من منازلهم، وهو ما أضر بمحلات البلدة القديمة".
ولاقت الحملة ترحيب تجار البلدة القديمة، ليعلنوا عن تخفيضات على بضائعهم بنسب وصلت للنصف لمساعدة الأهالي على شراء احتياجاتهم كاملة بتكلفة مناسبة للظرف الاقتصادي العام الذي تمر به المدينة المقدسة.
ويعاني أكثر من ألف محل تجاري في بلدة القدس القديمة من تراكم الديون وندرة البيع، الناتج عن الإغلاقات المتتالية التي فرضها الاحتلال على بلدة القدس القديمة.
بدوره، قال رئيس لجنة التجار، حجازي الرشق، إن الحصار والإغلاق الذي فرض على البلدة القديمة، خلال العامين المنصرمين، أدى إلى ارتفاع في نسبة المحلات المغلقة هناك إلى نحو 6%، لترتفع أعداد المحلات المغلقة حاليا إلى أكثر من 400 محل.
وأكد الرشق في تصريح صحفي أن القائمين على الحملة يطمحون إلى أن تؤدي جهودهم إلى إنعاش الحركة التجارية شبه المشلولة في البلدة القديمة ولو بقدر متواضع.
معاناة التجار
بدوره، قال زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية إن سلطات الاحتلال استغلت جائحة كورونا للدفع نحو إفلاس المقدسيين والتنغيص عليهم.
وأوضح الحموري في حديث لـ "الرسالة نت" وجود إشارات منذ سنوات بأن شرطة الاحتلال وأطقم بلديتها ستشرع بحملة كبيرة، تستهدف التجار المقدسيين وتستمر في فرض غرامات مالية كبيرة عليهم".
وأضاف: "الاحتلال دائما ما يستغل أحداثا جارية لتنفيذ ما يخطط له، فهم يعتبرون أن المعركة الديموغرافية قد بدأت، والوضع الاقتصادي هو الأساس في تنفيذ ذلك".
وأوضح أن أكثر من 250 محلا تجاريا من أصل 1200 في البلدة القديمة جرى إغلاقها خلال السنوات الأخيرة بفعل الضغوط، متوقعا أن يغلق آخرون محلاتهم إذا ما بقي الوضع على حاله.
ولفت الحموري إلى أن الاحتلال يدعم حملات بملايين الدولارات لهدم اقتصاد القدس ودعم التجار (الاسرائيليين) وإلحاق الخسائر بالمقدسيين.
وبيّن الحموري أن 80% من المقدسيين مَدينون لبلدية الاحتلال بسبب تراكم أموال ضريبة "الأرنونا" عليهم، محذرا من استيلاء الاحتلال على بيوتهم ومحالهم مقابل الضريبة في حال صدر أمر من المحكمة (الاسرائيلية) بذلك.
وألحق العزل والحصار الذي تنتهجه سلطات الاحتلال بحق التجار المقدسيين، خسائر فادحة بقطاعي السياحة والتجارة، وسط تحذيرات من وضع كارثي على التجار.
ويخشى الحموري من اضطرار العديد منهم إلى إغلاق محلاتهم والتحول إلى مهن أخرى خارج البلدة القديمة بسبب الضرائب الباهظة التي فُرضت عليهم.
وبحسب الغرفة التجارية الصناعية في القدس، فإن عدد المحلات التجارية المغلقة في البلدة القديمة تجاوز 200 محل تجاري، فضلًا على أن المحلات التجارية التي لا تزال تفتح أبوابها لا تستطيع العمل لساعات أطول في الليل لعجزها عن تغطية التكاليف التشغيلية.
ويواجه التجار الفلسطينيون منافسة شرسة من التجار (الإسرائيليين)، سيما وأنهم باتوا يتلقون دعما ماليا من حكومة الاحتلال منذ الانتفاضة الأخيرة.
ووفقا لتجار فلسطينيين، يتلقى كل تاجر يهودي في البلدة القديمة 70 ألف شيكل من بلدية القدس، وخصما مقداره 50% على ضريبة الأرنونا، بالإضافة إلى الدعم المالي الذي يحصل عليه من المنظمات (الإسرائيلية) الداعمة للمستوطنات غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
الوضع القائم يطرح علامة استفهام حول دور السلطة الفلسطينية في دعم صمود التجار المقدسيين لتمكينهم من مواجهة الضغوط الممارسة عليهم والتي قد تدفعهم في نهاية المطاف لمغادرة البلدة.