لأول مرة منذ سنوات لا تدخل القضية الفلسطينية ضمن الدعاية الانتخابية للكنيست الإسرائيلي، ولا شك أن انسحاب القضية الفلسطينية من المشهد السياسي (الإسرائيلي) وإسقاطها من أجندته الانتخابية سيكون له تداعيات مهمة على الفلسطينيين، فهو يعكس حالة التهميش التي وصلت إليها القضية.
وقد شكلت القضية الفلسطينية عاملا مهما في الدعاية الانتخابية الإسرائيلية طوال السنوات السابقة، وكان التعامل الاشرس مع القضية عاملا لرفع الكتلة التصويتية للأحزاب.
الواقع يختلف باختلاف الخارطة السياسية (الإسرائيلية) والتي تنزاح بشكل كبير نحو اليمين المتطرف، بعد أن انحصر الصراع داخل الكيان بين اليمين واليمين المتطرف، ولم يعد هناك محل لليسار والوسط.
وشهدت الحلبة الحزبية (الإسرائيلية) تحولات وتقلبات كبيرة أبرزها ان حالة التشرذم والتفكك هي المسيطرة على الحالة (الإسرائيلية) وليس بين الأحزاب المتنافسة فقط بل داخل المعسكرات ذاتها، ما يؤكد أن المشهد يشوبه الكثير من الضبابية لما قد تسفر عنه الانتخابات القادمة، مع خوض العشرات من القوائم الانتخابية والحزبية للجولة القادمة، وتشتت أصوات الناخبين الإسرائيليين.
الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر قال إن المشهد الضبابي يصعّب على أي حزب امتلاك زمام المبادرة بتشكيل حكومة منفردة، ويجعلها مضطرة للدخول في ائتلافات غير مستقرة، بل أقرب لأن تكون هشة ومتذبذبة، وقد نكون أمام استحقاق خامس من الانتخابات المبكرة، إن فشل أي ائتلاف قادم في البقاء أطول فترة زمنية ممكنة، وإنقاذ نفسه من أي أزمات مرتقبة في الطريق.
وأكد في ورقة علمية حول الانتخابات الإسرائيلية المبكرة: الأسباب والنتائج أن الانشقاق الأخطر الذي قام به جدعون ساعر، أبرز خصوم نتنياهو، بانفصاله عن الليكود، وخوض الانتخابات القادمة بشكل مستقل عبر حزبه “أمل جديد" مما شكل زلزالاً سياسياً كبيراً، عقب ما حققه من نتائج لافتة في استطلاعات الرأي على حساب الليكود، ودفع قادته لمهاجمته، واتهامه بخدمة مصالحه الشخصية.
ولفت إلى أن هناك جملة تحديات أساسية أمام "المنشقين" (الإسرائيليين) الجدد عن أحزابهم الأصلية، من اليمين واليسار والوسط، كي لا يكرّروا “ظواهر استطلاعية” سابقة، مثل آفي جاباي في حزب العمل، الذي أعطته استطلاعات الرأي 25 مقعداً فور اختياره، قبل أن يتراجع إلى دون 10 مقاعد، و”يمينا” الذي بدأ قوياً في استطلاعات الرأي، ثم سرعان ما تراجع، وفي انتخابات نيسان/ أبريل 2019 لم يجتز نسبة الحسم.
وفي ظلّ ما يشهده جناحا الائتلاف الإسرائيلي الحاكم المنهار أزرق – أبيض والليكود، من انشقاقات وانسحاب أعضاء مؤثرين، فإن ذلك قد يغير الخريطة السياسية، وفقاً لما تنشره استطلاعات الرأي بين حين وآخر، وتكاد تقدم نتائج متشابهة تذهب بمعظمها إلى إمكانية استبدال حكم نتنياهو وفق توزيع مقاعد الكنيست.
في المقابل يتخوف نتنياهو من فقدان تأثيره على أحزاب الصهيونية الدينية، خصوصاً بعد توقيع بينيت لاتفاق فائض أصوات مع ساعر، مما سيبقي الليكود بدون اتفاق فائض أصوات مع أي حزب يميني.
وهذه خطوة لافتة، تجعله خارج اتفاقيات تبادل الأصوات مع الأحزاب اليمينية، وتخرج بينيت من عباءة نتنياهو، وسط توقعات بأن يستفيد الأول من الاتفاق مع ساعر، ويحرم الليكود من أحد مقاعده، ويصب بالمحصلة لصالح ساعر الذي ينافس على رئاسة الحكومة، وهو ما قام به أيضاً لابيد مع أفيجدور ليبرمان رئيس حزب (يسرائيل بيتينو) كي لا تتسرب الأصوات إلى الليكود.
وفي ظل الواقع الإسرائيلي الواضح حول انزياح أكبر نحو اليمين المتطرف يبقى الفلسطيني الأكثر خسارة، خاصة مشروع التسوية الذي يتبناه الرئيس الفلسطيني محمود عباس حيث أن الواقع في (إسرائيل) يؤكد أنه لا يوجد أي شريك للعمل على مسألة التسوية وليس هناك من يلتفت لإقامة دولة فلسطينية، سواء نتانياهو المتطرف أو من قد يخلفه في رئاسة الحكومة والذي سيكون أضعف وأكثر تطرفاً، وكل ما يعمل عليه الاحتلال هو استمرار الوضع القائة وحالة الجمود في الملف الفلسطيني.