يعود التاريخ من جديد إلى الوراء، وتتصدر أم الفحم بقوة ويتدفق إليها عشرات الفلسطينيين من كل مناطق فلسطين التاريخية "48" ليقولوا لا من جديد في وجه المحتل، لأنهم يعرفون الحكاية ويفهمون حجم المؤامرة.
سارت المظاهرات من البلدة القديمة في أم الفحم، مرورا بشوارع المدينة حتى مدخلها، وتجمع عشرات المواطنين الفلسطينيين في اعتراض على انتشار أعمال العنف والقتل والفلتان في المناطق العربية.
ويتهم العرب الشرطة بالتواطؤ والمساعدة في نشر السلاح دون تراخيص بين المتعاونين معهم على نشر اعمال العنف والقتل ثم الادعاء بعدم قدرتها على ضبط الأمور، ما خلف أعمال قتل واجرام على يد العصابات وتجار المخدرات.
ولم يكن خروج أم الفحم عن بكرة أبيها عبثا، فإن مقتل 12 مواطنا من بداية العام، وكلهم من العرب، وادعاء شرطة الاحتلال عدم قدرتها على كشف القتلة هو أمر يدعو للتظاهر والغضب.
ويعتقد أهالي أم الفحم أن الاحتلال هو سبب في الجريمة الأولى حتى الأخيرة، وهو سر ازديادها وتفشيها إلى هذا الحد.
رئيس حركة أبناء البلد وأحد الأطراف المنظمة للمظاهرات رجا اغبارية قال للرسالة: "ما حدث بالأمس كان تجمهرا منظما باسم "الحراك الموحد الفحماوي" وهو تجمع للحركة الإسلامية في الداخل مع حركة أبناء البلد وبالشراكة مع التجمع الوطني لمطالبة الشرطة بالوقوف عند واجبها وضبط الأمن في المناطق العربية.
ويرى غبارية أن الاحتلال هو المسؤول عن الالتفاف حول حقوق المواطن والاستهتار بالأمن، الذي تتحمله (إسرائيل) والذي تتجاهله أيضا بشكل لافت.
ويتحدث غبارية عن مظاهرة الأمس والتي كانت الأكبر على حد وصفه رغم أن الاحتجاجات قد بدأت منذ شهرين، ولكن ما ميزها هو العدد المهول الذي أتى من كل المناطق العربية واجبارهم شرطة الاحتلال على فتح الطرق التي كانت قد أغلقتها في ساعات الصباح الأولى خوفا من التجمعات.
ويرى غبارية أن المظاهرات في أسبوعها الثامن حققت نجاحا كبيرا وسيطرة، حيث قلت الجرائم من بداية هذا الشهر وكأن أم الفحم قلبت السحر على الساحر وأخافت شرطة الاحتلال.
ويلفت غبارية إلى أن الاحتلال كان ينوي التآمر على العرب في الداخل المحتل وهو المسؤول عن انتشار السلاح وهذا مخطط موضوع منذ عام 2000 بعد هبة القدس وسقوط شهداء كثر، ومشاركة أبناء الداخل في كل ما يخص القدس المحتلة، ما جعل الاحتلال يعتقد أنه وبنشره للفوضى بين العرب، سيصرف نظرهم عن قضاياهم الأهم وعلى رأٍسها قضية القدس.
وتشير المعلومات من الداخل المحتل إلى أن الاحتلال سعى في الأشهر السابقة إلى نشر البلبلة والفلتان في مدينة أم الفحم، وهو المسؤول عن توزيع 50000 قطعة سلاح على شباب معربدين يقومون بعمليات قتل.
وتسعى (إسرائيل) على حد قول غبارية إلى تشتيت شمل المجتمع العربي، وما فعله الحراك الموحد الفحماوي أنه حوّل قضية القتل إلى قضية وطنية.
ويصف اغبارية المشهد قائلا: غدت كل أراضي وشوارع أم الفحم معطرة بالأغاني الوطنية والأعلام الفلسطينية حيث أزلنا علم (إسرائيل) عن مبنى البلدية ووضعنا علم فلسطين.
ويتابع: بالأمس حاصرنا الشرطة، فلم يخرجوا من الأبواب خوفا، وقد فتحوا الشوارع التي أغلقوها من الصباح وهربوا.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وضع خطة لمحاربة الفلتان في المناطق العربية، كما يدعي، ولكن ووفقا لتقرير أعده التجمع الوطني في الداخل المحتل، يتضح أن الخطة لم تذكر منظمات الإجرام ولم تعالج مسببات الجريمة ولم تعترف بأي برنامج لجمع نصف مليون قطعة سلاح منتشرة في المناطق العربية.
ويلفت التقرير إلى أن خطة نتنياهو مبنية على فرق تسد وميزانية 150 مليون شيكل مخصصة لبناء مراكز شرطة جديدة.
ويرى غبارية أنه مع بناء كل مركز شرطة جديد تزداد الجرائم في المناطق التي يتبع لها، وهذا يعني أن الشرطة سبب من أسباب انتشار العنف.
ويشهد مجتمع العرب في الداخل المحتل منذ أعوام ارتفاعا ملحوظا في نسبة الجريمة والفقر، إذ سقط 113 ضحية في عام 2020 مقابل 95 في عام 2019، مع ارتفاع منسوب معدلات الفقر بسبب جائحة كورونا.
كما تتحمل الشرطة مسؤولية نشر 40000 قطعة سلاح بين أيدي عائلات متنفذة وتجار مخدرات يعيثون فسادا وتخويفا في المجتمع العربي دون محاسبتهم.