بدأت ملامح القلق بالظهور في الأوساط السياسية (الإسرائيلية) مع مرور عدد من مراحل الانتخابات الفلسطينية، والتي يبدو أن فرصها في الانعقاد ما زالت قائمة رغم كل المعيقات.
الاحتلال الإسرائيلي التزم الصمت التام رسمياً منذ أن أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما حدد فيه مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني على ثلاث مراحل، لتكون الأولى منذ 15 عاما، وذلك نتيجة استحكام حالة الانقسام الفلسطيني والتي أدت لتعطل الانتخابات، كما أن التجارب السابقة تقول إن عقد الانتخابات صعب وأن عباس يلوح في كل مرة بها دون أن يذهب إليها حقيقة.
ومع بدء ظهور القوائم المرشحة للانتخابات والتي تعكس حتى الآن حالة انقسام وتشرذم كبيرة لحركة فتح، تزداد حالة القلق (الإسرائيلي) من إمكانية خسارة فتح أمام منافستها الأكبر حماس.
ويحاول الاحتلال الإسرائيلي التأثير على نتائج الانتخابات عبر عدة أدوات لضمان فوز فتح ومنع فوز حماس وذلك لاستمرار الحالة القائمة في الضفة الغربية.
الكاتبة المختصة بالشؤون العربية عميرة هاس، ذكرت في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، أنه مع زيادة احتمالات فوز حماس بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، "تحذر (إسرائيل) أعضاء حماس في الضفة الغربية، من المشاركة في تلك الانتخابات الفلسطينية التي يتوقع أن تجري في 22 أيار/مايو المقبل".
وأكدت أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، "هدد نشطاء سياسيين معروفين بتأييديهم حماس في الضفة، بالاعتقال لبضع سنوات والانفصال عن العائلة إذا شاركوا في الانتخابات، وتم نقل رسائل التهديد تلك؛ إما عبر الاتصال أو اقتحام المنازل ليلا بمرافقة قوات من الجيش، أو عبر الاستدعاء لمراكز التحقيق".
ونبهت هاس إلى أن (إسرائيل) بكونها القوة التي تسيطر في الضفة، بما في ذلك الجيوب التي تقع تحت الحكم الذاتي الفلسطيني، تتدخل في الانتخابات الفلسطينية بحكم حقيقة أنها تستطيع اعتقال من سيتنافس في الانتخابات، مثلما حدث بعد انتخابات 2006.
وأضافت: "في حال لم تعجب (إسرائيل) نتائج الانتخابات، يمكنها أن تحتجز أموال الضرائب التي يجب عليها أن تحولها للسلطة الفلسطينية، وهذا سينعكس على رواتب الموظفين، وتقليص التجارة والصناعة وزيادة نسبة البطالة.
وتتابع: السلطات الإسرائيلية يمكنها أيضا تشديد الحصار على قطاع غزة وفصل المحافظات الفلسطينية بعضها عن بعض.
الاحتلال الذي لا يرغب في التدخل مباشرة في العملية الانتخابية، أو منع إجرائها حتى لا يظهر أمام العالم كمن يتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني، يحاول الالتفاف والعمل بإجراءات تؤثر بدرجة كبيرة على سير عملية الانتخابات، ويمكن القول إن الاحتلال طرف أساس في العملية ولكن في الظل.
ويتحكم الاحتلال بالمعادلة من خلال:
إمكانية اعتقال الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) لعشرات المواطنين الفلسطينيين أسبوعيا، من نشطاء اجتماعيين وسياسيين يعبرون عن مواقف مخالفة لمواقف السلطة.
ابعاد كل الشخصيات الفاعلة والتي تحظى بحضور ودعم جماهيري وخاصة المحسوبة على حركة حماس والتي يمكن أن تلعب دورا في العملية الانتخابية.
وبحسب هأرتس، فقد اعتقل الاحتلال فازع صوافطة من طوباس، بعد أن أعلن نيته الترشح في الانتخابات، وفي الأسبوع الماضي وضع رهن الاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، إضافة لعدد من نشطاء الحركة، من بينهم أعضاء في المجلس التشريعي، هم رهن الاعتقال الإداري منذ بضع سنوات.