يقف اليسار الفلسطيني أمام تحدٍ كبير يتمثل في العملية الانتخابية برمتها، فهو يعاني من عدة إشكاليات جوهرية أبرزها التشرذم بين أحزابه وضعف تمثيله الشعبي وعدم وجود رؤية واضحة حول مشاركته في الانتخابات.
ورغم أن اليسار ما زال مكونا رئيسا في الحالة السياسية الفلسطينية لكنه يعاني من حالة ضعف كبيرة، حيث تتراجع حظوظه في الفوز وبعض أحزابه أمام تحدي تخطي نسبة الحسم البالغة 1.5%.
المؤكد أن جميع أحزاب اليسار سوف تشارك في الانتخابات التشريعية وهو موقف أعلنت عنه ولكن تبقى الإشكالية في شكل المشاركة، وهنا يمكن طرح عدة سيناريوهات لمشاركة اليسار في الانتخابات:
السيناريو الأول: تشكيل تحالف من أحزاب اليسار والمشاركة وفق برنامجها المتقارب إلى حد كبير، ورغم أن هذا السيناريو وارد، خاصة وأنها أهم وسيلة ليتجاوز اليسار نسبة الحسم ويحقق عددا مقبولا من المقاعد، لكنه محفوف بالمخاطر نتيجة عدة أسباب:
أولها ان أحزاب اليسار منقسمة فيما بينها ومن الصعب ان تتفق على برنامج واضح وأشخاص بعينهم لترشيحهم، وثانيها أن فرص التوافق فيما بينهم صعبة بالنظر إلى التجربة الأخيرة التي اجتمعت فيها القوى حينما شكلت التجمع الديمقراطي والذي ضم خمسة من أحزاب اليسار الرئيسية لكنه سرعان ما انهار ولم يحقق أيا من أهدافه.
السيناريو الثاني: المشاركة ضمن قائمة وطنية مع حماس: وهو سيناريو مطروح كونه يضمن لليسار تحقيق نسبة جيدة من المقاعد، ولكن تنفيذه يواجه العديد من التحديات، فمن ناحية الجبهتين الشعبية والديمقراطية تقاربتا إلى حد كبير مع حماس في السنوات الأخيرة وهناك حالة توافق معها، لكن من ناحية أخرى يخشى اليسار من اتهامه بأنه بات تحت جناح "الإسلام السياسي" أي حماس كما يصفها البعض، كما أنه سيواجه اتهامات كبيرة من حركة فتح.
السيناريو الثالث: المشاركة في قائمة موحدة تضم أحزاب المنظمة برئاسة فتح: وهذا السيناريو مستبعد نتيجة الخلافات الكبيرة التي جرت في السنوات الأخيرة بين فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية خاصة عقب إعادة تشكيل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واستبعاد شخصيات وازنة من اليسار وهيمنة فتح بالكامل عليها.
كما زادت الفجوة بين الجبهتين وفتح خاصة بعد مسيرات العودة التي شاركت فيها فتح اسما وليس فعلاً في البداية قبل ان تنسحب من المشهد.
من ناحية أخرى يواجه هذا السيناريو تحدي البرنامج السياسي فلا تخفي الجبهتان خلافهما مع فتح حول برنامج التسوية ورفضهما العلاقة مع الاحتلال والتنسيق الأمني ورغبتهما في تنفيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني الأخيرة التي تقضي بإنهاء العلاقة مع الاحتلال ووقف التنسيق.
السيناريو الرابع: مشاركة كل حزب في قائمة منفصلة: وهو سيناريو محفوف بالكثير من المخاطر فوفق الاوزان السياسية والشعبية لفصائل اليسار فانه في حال شاركت احزابه في قوائم منفصلة قد تسقط جميعها تحت نسبة الحسم وهو ما سيشكل سقوطا مدويا لليسار الفلسطيني بالكامل.
لذا فان البعض يرجح دخول اليسار في قائمة مشتركة فيما بينهم، وتضم أبرز قواه الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، والمبادرة الوطنية، وحزب الشعب، وفدا، وجبهة التحرير العربية وجبهة النضال الشعبي.
لكن هناك إشكاليات كبيرة كون الجبهة الشعبية مثلاً ترفض أن تكون في تحالف قوى اليسار الذي قد يضم "حزب الشعب وفدا والديمقراطية".
وكانت الشعبية شاركت في الانتخابات السابقة 2006 في قائمة منفردة ونجح ثلاثة أعضاء منها.