شكل صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتبار الأراضي الفلسطينية ضمن اختصاصها القضائي تمهيداً لفتح تحقيقات بشأن ارتكاب جرائم حرب محتملة فيها عام 2014، أزمة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، الذي وصف الأمر بأنه خط أحمر تم تجاوزه.
ومع الحديث عن تداعيات رمزية لصالح الفلسطينيين دون تأثير فعلي بحق قادة الاحتلال، إلا أن خبراء قانونيين اعتبروا أن التأثيرات العملية ستكون حقيقية هذه المرة، ما دفع الاحتلال لممارسة ضغوط كبيرة لمنع الفلسطينيين من هذا التوجه.
وهددت (إسرائيل) بوقف المشاريع الاقتصادية عن الفلسطينيين في حال توجهوا إلى محكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ونقلت قناة كان العبرية عن مصادر في (تل ابيب) قولها: لن تكون هناك مشاريع اقتصادية بين (إسرائيل) والفلسطينيين.
ووفقا للقناة، فقد تواصلت عدة دول مع (إسرائيل) في الأسابيع الأخيرة بهدف بدء تعاون اقتصادي بين (إسرائيل) والفلسطينيين غير أن الرسالة (الإسرائيلية) كانت "حتى يعلن الفلسطينيون أنهم لن يتعاونوا مع المحكمة الجنائية الدولية، لن يتم مثل هذا التعاون".
وتوعد الاحتلال بسحب بطاقات VIP من شخصيات فلسطينية، كما فعل مع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وهي رسالة واضحة بأن قرار التعاون الفلسطيني سيكون له انعكاسات على العلاقات بين السلطة والاحتلال.
وقد اعتاد الاحتلال ان ينتهج سياسة العقوبات الاقتصادية للضغط على الجانب الفلسطيني مثل وقف تحويل أموال المقاصة وسحب بطاقات كبار الشخصيات أو منع اصدار التصاريح واغلاق المعابر والحدود وهي إجراءات قد يتخذها جميعها إذا ما تصاعدت الازمة على خلفية محكمة الجنايات.
وعلى المستوى القانوني وضع مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مؤخرًا، صيغة توصيات للمستوى السياسي بشأن التعامل مع الخطاب الذي وجهته المحكمة الجنائية الدولية لـ(إسرائيل) حول التحقيق الذي قد يبدأ معها قريبًا بشأن ارتكابها جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
وبحسب قناة 12 العبرية، فإن (إسرائيل) يجب أن تقدم ردها على المحكمة في موعد أقصاه التاسع من أبريل/ نيسان المقبل.
وأشارت إلى أن الجهات القانونية في "مجلس الأمن القومي" أوصت بالحذر الشديد بشأن أي خطوات تتعلق بعمليات البناء في المستوطنات بالضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، حتى لا تجبر المحكمة على اتخاذ قرارات بالمضي قدمًا في التحقيق ضدها.
كما أوصت تلك الجهات بعدم إخلاء قرية الخان الأحمر، مع إرسال رسالة للعالم مفادها أن هناك فرصة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وذلك من أجل منح المدعي العام الجديد للمحكمة فرصة لوقف التحقيق لاحقًا.
وترى القناة أن مثل هذه التوصيات من الجهات القانونية ستكون بمثابة التحدي الأول للحكومة اليمينية المقبلة المتوقع تشكيلها بزعامة بنيامين نتنياهو الذي سيواجه صعوبات في إقناع حلفائه بتنفيذ مثل هذه التوصية.
ووصفت منظمة العفو الدولية إعلان المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالاختراق التاريخي.
وقال رئيس مركز العدل الدولي بالمنظمة ماثيو كانوك إن "بدء التحقيق إنجاز كبير للعدالة بعد عقود من عدم المحاسبة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".
وأكد كانوك أن التحقيق يوفر أول فرصة حقيقية لآلاف الضحايا للوصول إلى العدالة والتعويضات، كما أنه فرصة لوضع حد نهائي لتفشي الإفلات من العقاب الذي أدى إلى انتهاكات خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأكثر من نصف قرن.
ودعت منظمة العفو الدولية الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تقديم الدعم السياسي والعملي الكامل للمحكمة الجنائية عندما تبدأ تحقيقاتها.