في طريق باب حطة، وبين الأزقة القديمة والحوانيت الملاصقة للمسجد الأقصى قصة أخرى ترهب الاحتلال، فقد أتت أزمة كورونا حجة قوية للاحتلال لإغلاق المحال وتصيد المخالفات وفرض ضرائب على منطقة لطالما كانت مغذية للمسجد الأقصى وحاضنة للثوار والشباب المقدسيين، ومنها انطلقت ثورة البوابات وجل الاعتصامات.
باب حطة هو الوحيد الذي يفتح وقت صلاة الفجر مع تواجد عشرات الجنود للتضييق على المصليي، ولذلك يسكن الخوف قلوب التجار والسكان هناك، فمن أذان المغرب تفرغ الحارة من السكان، وتغلق المحال التجارية.
ولعل التجار المقدسيين في المناطق العربية بالبلدة القديمة هم أكثر الفئات استهدافا منذ احتلال القدس عام 67، وذلك بفرض الاغلاقات المتكررة والضرائب الدائمة على التجار.
وإذا دخلت باب حطة ستجد سوقها مهجورا، ولم تعد إلا طريقا يؤدي إلى الحرم فقط، فمعظم المحال مغلقة بقرارات من الاحتلال ولأٍسباب واهية وغير مقنعة، ويمكن أن يفرض الاحتلال غرامة 45 شيكل لأجل مسطبة مدها صاحب الحانوت متجاوزا المساحة أمام الباب.
وتستهدف قوات الاحتلال (الإسرائيلي) المنطقة خمس مرات في الشهر وتشن هجمات واعتقالات غير مبررة للمواطنين.
وتتحدث الكاتبة المقدسية سارة دجاني عن استهداف المنطقة بالذات: "أمّا حارة باب حطّة، فهي المثال الأبرز لتكثيف هذا الهجوم الذي تنتهجه حكومة الاحتلال من أجل ضرب المجتمع المقدسيّ وقدرته على الصمود وسعيه لمقاومة الاحتلال.
وتضيف: "شكّلت حارة باب حطة الواقعة على بعد أمتارٍ قليلة من أحد أهم أبواب المسجد الأقصى، مثالاً واضحاً على الفعل النضاليّ المستمرّ، فلا تصمد بها كاميرا مراقبة (إسرائيلية) طويلاً، وما إن ينصبُ الاحتلال واحدةً حتى يتم تكسيرها ليعود لتركيب أخرى، وتعرّض غالبية شبانها للاعتقال والتحقيق على خلفية مشاركتهم في مواجهاتٍ مع الاحتلال".
ولعل السبب الأساسي وراء استهداف هذا الجزء من البلدة القديمة، هو ملاصقته للمسجد، ومحاولة الاحتلال تجنيد التجار لصالحهم حتى يسيطروا على المنطقة التي يهرب إليها الشباب المقدسيون، ومن جهة أخرى قمع الأعمال التي يقوم بها سكان باب حطة ووقوفهم إلى جانب المصلين وتقديمهم الطعام والماء على مدار الساعة أثناء الاعتصامات التي حدثت عند بوابات المسجد الأقصى في 2017.
تمارس حكومة الاحتلال الانتهاكات ضد السكان والتجار، كنوع من العقوبة على موقفهم أثناء الاحتجاجات ضد تركيز البوابات الإلكترونية وأجهزة الكشف عن المعادن، كما تعمل أيضا على تسهيل حركة المستوطنين في هذه المنطقة.
وخلال المداهمة الأخيرة، لم تكتف قوات الاحتلال بإصدار الغرامات والاستدعاء للاستجواب وتحريك دعاوى قضائية ضد التجار، بل تعرض هؤلاء أيضا لضرر مادي حين تم كسر ثلاثة أبواب محلات ومصادرة سلع منها.
ويقع في حارة باب حطة أكثر من 50 مخبزا ومحلا تجاريا ومطاعم صغيرة ودكاكين لبيع احتياجات سكان الحي وغيرها من المحلات التي تُعيل أهالي الحي.
ويرى زهير الدبعي المختص بقضايا القدس أن هدم حي المغاربة كان سابقا لهدم باب حطة، الذي يعد أحد الأبواب القريبة والمخيفة فعلا للاحتلال الذي يريد أن يسيطر عليه كما سيطر على باب المغاربة، ويسعى لأن يغلق الأبواب التي توصل الى الحارات العربية لأنها باتت مخيفة لهم.
وعلى سياسة " قضمة قضمة"، يرى الدبعي أن الاحتلال يريد أن يسيطر على الأبواب الأكثر أهمية ولا باب أكثر أهمية وقربا للأقصى من باب حطة خاصة في انشغال هذا العالم بالنكبات المتتابعة عليه.