تمادي جيش الاحتلال الإسرائيلي في قصفه العنيف على مدار يومين متتاليين لمواقع تتبع للمقاومة؛ بذريعة سقوط قذيفة صاروخية على المستوطنات المحاذية للقطاع.
وشنّت طائرات حربية ومسيَّرة إسرائيلية، فجر السبت، سلسلة غارات عنيفة استهدفت مواقع للمقاومة الفلسطينية وأراضي يزعم الاحتلال أنها "بنية تحت أرضية" تستخدمها المقاومة، وذلك بعد ساعتين من إعلان الاحتلال سقوط قذيفة صاروخية على أرض فارغة في مستوطنة "اشكول".
واستهدف الطيران الحربي موقعاً للمقاومة غرب مدينة رفح جنوبيّ القطاع، بعدد من الصواريخ على دفعتين، فيما قصف موقعاً آخر بصاروخ واحد في المنطقة المحيطة، كما استهدفت الطائرات الحربية أرضاً بصاروخ شرقي مخيم البريج وسط القطاع.
وفجر الجمعة، قصف طائرات الاحتلال بعدد من الصواريخ مواقعللمقاومة وأراضي زراعية في عدد من المناطق بالقطاع، فيما أعلن متحدث باسم جيش الاحتلال أنّ الطائرات الحربية هاجمت عدداً من الأهداف في القطاع، منها منشأة تدريب للمقاومة، وموقعاً لتصنيع القذائف المضادة للطائرات، ومعملاً لإنتاج الباطون للأنفاق، وموقع تخزين للأسلحة، وبنية تحتية لنفق هجومي، على حد زعمه.
وذكرت صحيفة (يسرائيل هيوم) العبرية، أن سبب التوتر الأخير مع قطاع غزة، والذي كسر حالة الهدوء السائد منذ عدة أشهر، يعود إلى عدة أمور، منها تفشي فيروس (كورونا) في القطاع، أو رسالة تهديد من حماس حول نوايا (إسرائيل) لعرقلة الانتخابات خاصة في القدس.
وأوضحت الصحيفة العبرية أنه من المحتمل كذلك أن يكون قرار إطلاق الصاروخ سواء من "حماس" نفسها أو من إحدى الفصائل الأخرى، عبارة عن رسالة تعكير لأجواء ذكرى ما يسمى بـ(الاستقلال الإسرائيلي)، الذي تم الاحتفال به يوم الخميس الماضي، وكذلك تذكيرابيوم الأسير الذي يحييه الفلسطينيون.
******معركة بين الحروب
وفي المجمل فإن مختصين ومحللين في الشأن الإسرائيلي يعتقدون أن شدة القصف ونوعية الأهداف التي استهدفتها طائرات الاحتلال لمواقع المقاومة، واستمرار تمادي جيش الاحتلال سيدفع المنطقة باتجاه تصعيد تدريجي وجولة جديدة من المواجهة.
ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة أن العدو الصهيوني يستغل مثل هذه المبررات وإطلاق قذائف صاروخية من القطاع، في ضربه لقدرات المقاومة الاستراتيجية فيما يسميها "المعركة بين الحروب" ويستفيد من هذا الأمر في تكبيد المقاومة خسائر كبيرة.
ويشدد أبو زبيدة في حديثه لـ"الرسالة" على أن تمادي الاحتلال في القصف بشكل واسع لا يمكن للمقاومة الاستمرار في السكوت عليه وتمريره، مبينا أن الاستهدافات ستدفع بكل تأكيد نحو جولة جديدة من القتال حال استمرت.
ويرجح أن يكون تمادي الاحتلال في قصفه يرجع إلى حالة التشظي داخل الكيان الإسرائيلي، وعدم وجود حكومة وانشغال نتنياهو في أزمته الداخلية، وهو ما يدفعه من خلال هذا القصف، إلى إرسال رسائل لشركائه في الحكومة المقبلة أنه بات أكتر حزما في التعامل مع القطاع.
*****معادلة جديدة
ويعتقد المختص في الشأن الإسرائيلي مؤمن مقداد أن الاحتلال يحاول من خلال قصفه الأخير فرض معادلة جديدة واستغلال المقذوفات الصاروخية لضرب أهداف استراتيجية ومهمة للمقاومة، ونشر مؤخرا فيديو يوضح قصف تلك الأهداف وهو أمر غير معتاد إلا في حالة ضربه لمناطق مهمة واستراتيجية.
ويؤكد مقداد في حديثه لـ"الرسالة" أن ما سبق يعزز من فرضية الذهاب لجولة جديدة من التصعيد وإن كانت محدودة إلا أنها أمر حتمي وقد يكون مختلفا ونوعيا عما هو معتاد من المقاومة، وهو ما أشارت إليه بعض وسائل الاعلام العبرية.
ويلفت إلى أن بعض المحللين الإسرائيليين يعتقدون أن تفشى فايروس كورونا في القطاع وتأزم الأوضاع الإنسانية واستمرار الحصار يدفع بعض الفصائل إلى إطلاق المقذوفات الصاروخية.
ويشير إلى أن ما يجري قد يكون هدفه تحريك بعض القضايا فيما يتعلق بالجانب السياسي والإنساني، فيما استغل ذلك جيش الاحتلال وذهب للعمل بقاعدة الحرب بين الحروب ومحاولة ضرب أكبر قدر ممكن من قدرات المقاومة.
في نهاية المطاف، يمكن القول إن استمرار سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي ينتهجها ضد قطاع غزة سيدفع بكل قوة نحو تفجير الأوضاع والذهاب لمزيد من جولات التصعيد ما لم يتم تدارك ذلك.