تشعل الإجراءات والمضايقات التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل متعمد ضد سكان مدينة القدس الغضب والغليان، وتزيد من حالة الاحتقان الذي قد يصل إلى انتفاضة واسعة في ظل تواصل تلك الانتهاكات بحق الفلسطينيين.
ومنذ بداية شهر رمضان، تشهد المدينة المقدسة هجمة شرسة وممنهجه للاحتلال، تستهدف المقدسيين إما بالملاحقة والاعتقال، أو بالاعتداء الجسدي بالضرب والقمع وإلقاء القنابل والأعيرة المطاطية في شوارع المدينة وعند أبوابها، ومنع من الجلوس في باب العامود.
وأدت المواجهات والاعتداءات إلى إصابة حوالي 400 مقدسي، جراء إلقاء قوات الاحتلال القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، ورش المياه العادمة، بالإضافة لاعتقال ما يزيد عن 50 مقدسيا.
وحوّلت قوات الاحتلال منطقة باب العامود والشوارع المحاذية لها لثكنة عسكرية، بنشر قواتها بأعداد كبيرة في المنطقة، كما سيرت سيارة المياه العادمة وفرق الخيالة.
تفجير الوضع
وأكدت صحيفة عبرية أن مدينة القدس المحتلة تمر بحالة من التوتر تنذر بتفجر الوضع بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، منوهة إلى أن رئيس السلطة محمود عباس، يحاول النزول عن شجرة الانتخابات، ويأمل أن تنقذه (تل أبيب).
وأوضحت صحيفة "هآرتس" في تقرير أعده الخبير العسكري عاموس هرئيل، أنه مع انشغال الاحتلال بإيران، "يتبلور في هذه الأثناء خليط متفجر في القدس حول الساحة الفلسطينية (باب العامود)، في الخلفية تتشكل أزمة سياسية بين (إسرائيل) والسلطة حول مسألة إجراء انتخابات المجلس التشريعي في القدس".
وتابعت الصحيفة: "صراعات الحرم كالعادة تصب الزيت على النار، ففي الأسبوع الماضي قامت الشرطة الإسرائيلية بقطع كوابل مكبرات الصوت في المسجد الأقصى، سبق ذلك إلغاء زيارة للأمير حسين للحرم بسبب خلافات مع تل أبيب، إضافة للقيود على المصلين".
ولفتت "هآرتس" إلى أن "أحداث القدس تضاف إلى أحداث وقعت في يافا في الأيام الأخيرة، حيث شهدت المدينة مواجهات عنيفة بين السكان العرب وقوات الشرطة الإسرائيلية".
***** احتدام المواجهة
ويؤكد المختص في الشأن المقدسي د. جمال عمرو أن الاحتلال يحاول تصعيد المواجهات في مدينة القدس في محاولة لفرض أمر واقع وتعزيز سيطرته على المدينة والتضييق على المقدسيين خاصة في شهر رمضان المبارك.
ويوضح عمرو في حديثه لـ"الرسالة" أنه لا يمكن الفصل بين ما يجري في مدينة القدس وبين محاولة منع وعرقلة الانتخابات الفلسطينية في المدينة، على اعتبار أن حكومة الاحتلال تعتبرها منطقة خاضعة لسيطرتها بالكامل ولا يمكن الاعتراف بالوجود الفلسطيني بها.
ويبين أن حكومة نتنياهو تدير الظهر لقيادة السلطة وحتى للاتحاد الأوروبي الذي حاول التوسط لإجراء الانتخابات في مدينة القدس كونها تعتبر أن الموافقة عليها تعني اعترافا بالحق الفلسطيني في القدس.
ويشير عمرو إلى أن هذا التجاهل يأتي بعد محاولات الإسرائيليين اقناع عباس بأن الذهاب نحو الانتخابات لن يكون في صالحه وسيكون الخاسر الأكبر في ظل حالة التشرذم الذي تمر بها حركة فتح.
ويلفت إلى أن رئيس السلطة يحاول استغلال هذا الرفض والخروج بأقل الضرر والتظاهر بأن قرار تأجيل الانتخابات هو وطني بحجة رفض الاحتلال اجراءها في القدس، وهو ما يحاول تسويقه منذ أيام من خلال مستشاريه.