تحت وطأة النضال في القدس يعيش الاحتلال صدمة نتائج الحراك الذي أشعل بقية الأراضي الفلسطينية وخاصة غزة التي التحمت مع القدس في مسيرات شعبية حاشدة، وإطلاق الصواريخ التي دوت في جميع مدن غلاف غزة.
حراك المقدسيين دفع الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز انتشاره في القدس لمنع وصول الفلسطينيين للمسجد الأقصى، حيث منع أعدادًا كبيرة من الدخول عبر الحواجز العسكرية إلى مدينة القدس المحتلة وذلك بعد مواجهة أثبت خلالها المقدسيون أنهم قادرون على فرض إرادتهم وحماية الأقصى وصد أي عدوان.
ويأتي حراك القدس على بعد أقل من شهر على موعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 22 مايو المقبل، والتي تصاعدت المؤشرات حول نية رئيس السلطة محمود عباس إلغائها بحجة رفض الاحتلال إجرائها في القدس.
ويبدو أن وضع السلطة أصعب اليوم، فبعد صدور مؤشرات حول اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات خلال الأيام القليلة الماضية، فإن الاحداث في القدس تفرض نفسها بقوة على المشهد الفلسطيني وتقطع الطريق على أبو مازن، حيث بات موقفه أصعب، وتأجيل الانتخابات بحجة القدس في الوقت الذي تخوض فيه القدس معركة مفتوحة يعقد الموقف أكثر.
ومن المفترض أن المشهد في القدس يفرض استحقاقات على الكل الفلسطيني أهمها:
أولاً: استكمال العملية الديمقراطية والذهاب بقوة نحو الانتخابات، والمطلوب من الجميع والسلطة تحديداً أن تسند أهل القدس في حراكهم وتوفر كل عوامل الصمود لهم ودعمهم لاستكمال المعركة مع الاحتلال.
وبدل الهروب من استحقاق الانتخابات على السلطة التوجه بقوة نحوها وفرضها على المحتل واستكمال المعركة التي بدأها شباب القدس لتغيير الوضع لصالح المدينة المقدسة وحقها في المشاركة السياسية في الانتخابات.
ثانياً: هناك اجماع على أن تأجيل أو إلغاء الانتخابات هو خضوع لرغبة الاحتلال، لذا فمن الضروري تجاوز القرار الإسرائيلي وفرض الانتخابات والبحث عن بدائل عملية وهناك العديد من الصيغ التي يتم تداولها.
ومن تلك البدائل وضع الصناديق في أماكن التجمعات الفلسطينية وفي ساحات الأقصى ومقرات الأمم المتحدة وممثليات وقنصليات الدول الأوربية، وفي حال منعها الاحتلال فإن ذلك يعطي قيمة وشرعية أكبر للانتخابات من الصيغة التي تطلب موافقته والتصويت في مراكز البريد الخاضعة للاحتلال.
ثالثا: يقف الفلسطينيون اليوم أمام مفترق حقيقي ولحظة توافق وطنية على مستوى واسع في ظل ما يجري في القدس وحالة الدعم والاسناد والتي يجب أن يشمل كل المدن والمحافظات والقرى في الأراضي الفلسطينية.
وتعد هذه اللحظات فرصة لدعم النضال الشعبي في مقاومة الاحتلال في القدس وإبقاء جذوة الانتفاضة مستمرة وبقاء القدس بوصلة النضال الشعبي والمسلح حتى دحر الاحتلال.
رابعاً: القدس قادرة على تغيير المعادلة خاصة أن العالم كله يلتفت لها وباتت أولوية ملحة، وقد بدأت تلك المؤشرات من خلال ما صرح به سفير فلسطين لدى الاتحاد الاوروبي عبد الرحيم الفرا، الذي قال "إنّ المفوض الأعلى للسياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أكّد أنّه سيتم الاتصال مجددًا مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي والطلب منها إزالة جميع المعوقات أمام إجراء الانتخابات".
وأضاف في تصريحات صحفية أن وزير خارجية لوكسمبورغ أعلن أنه سيتم وضع مسألة عرقلة الانتخابات على جدول أعمال الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية الاعضاء في الاتحاد الأوروبي، والمقرر عقده في 10 مايو المقبل.