تركت تداعيات جائحة كورونا آثارا كارثية على الاقتصاد الفلسطيني، وخصوصا في الضفة المحتلة التي عانت بشكل كبير من انتشار الفيروس والاغلاقات المتكررة.
ونتيجة طبيعية للتأثير على الاقتصاد الفلسطيني، كانت المؤسسات الاقتصادية في وجه العاصفة وتحملت تبعات الأزمة وسرحت عمالها، لتبقى خالية الوفاض.
ولم تظهر السلطة الفلسطينية ومؤسساتها جدية في دعم هذه المؤسسات، وكانت المعونات بسيطة لا تمكن الصمود.
معاناة واغلاق
فؤاد العاصي صاحب شركة مقاولات في مدينة نابلس، اضطر لتسريح 9 عمال من مكتبه لمدة خمسة أشهر العام الماضي.
وقال العاصي في حديث لـ "الرسالة نت": "كان العام 2020 صعبا للغاية على الاقتصاد الفلسطيني وخصوصا قطاع المقاولات، واضطررت للعمل بالحد الأدنى في المكتب بـــ 3 عمال، دون وجود لمناقصات بناء أو ترميم".
وأكد أنه حتى بعد فتح الاقتصاد في الضفة فلم يعد العمل كما السابق، فاستطاع رفع العمال في المكتب من 3 إلى 6 فقط، بعد أن كانوا 12 عاملا قبل الجائحة، فضلا عن تضرر الكثير من عمال البناء بسبب قلة العطاءات".
بدوره، أكد الأكاديمي الاقتصادي البروفيسور نور أبو الرب أن الحديث عن إغلاق 14% من المؤسسات الاقتصادية وتسريح 100 ألف عامل فقدوا وظائفهم يمثل كارثة للاقتصاد الفلسطيني.
وقال أبو الرب في حديث لـ "الرسالة نت": "بالتالي 100 ألف عائلة دون راتب شهري، لك أن تتخيل حجم الكارثة الاقتصادية خلال الفترة الحالية والمقبلة".
وأشار إلى أن الجائحة أثرت سلبا على الاقتصاد الفلسطيني وزادت معدلات الفقر والبطالة، مضيفا: "التشوهات التي خلقتها أزمة كورونا ستكون لها تداعيات خلال السنوات الثلاثة المقبلة على أقل تقدير".
وتابع: "صحيح أن الإمكانيات بسيطة في دعم المؤسسات ولكن كان يجب على الحكومة الفلسطينية اتخاذ خطوات عملية وعمل آلية للإبقاء على هذه المؤسسات دون مغادرتها للسوق".
ولفت إلى أن "الحديث عن إجراءات إدارية كان يجب العمل عليها وكذلك وإجراءات مالية تتمثل في الاقتراض والتمويل وخطط التحفيز".
ووفق مسح للجهاز المركزي للإحصاء حول تداعيات جائحة كورونا على المنشآت الاقتصادية، قال الإحصاء إن 14% من إجمالي المنشآت لجأت إلى تسريح عمال لديها خلال العام الماضي، في مواجهة الأزمة المالية التي خلفتها الجائحة.
ونفذ "الإحصاء" المسح على مرحلتين، وشملت المرحلة الأولى عينة من 2600 منشأة في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما شملت المرحلة الثانية 14 ألف منشأة.
وأظهرت النتائج أن 8% من المؤسسات قلّصت رواتب وأجور العاملين لديها، و11% أعطت العاملين لديها إجازة دون راتب، فيما قال 9% من المؤسسات إنها أعطت العاملين لديها إجازة مع راتب.
وبينت النتائج أن أكثر من ثلثي المؤسسات الاقتصادية تعرضت للإغلاق بمعدل شهر ونصف الشهر، خلال الفترة بداية مارس وحتى نهاية مايو 2020.
وتركز الإغلاق في قطاع الخدمات وبمحافظة بيت لحم، لتعاني 62% من المؤسسات من نقص الإمدادات المتعلقة بمدخلات الإنتاج من مواد خام ومستلزمات إنتاج، وتراجع في مستوى الإنتاج أو حجم المبيعات بحوالي النصف.
وتشير النتائج النهائية إلى أن 75% من المؤسسات (93% في الضفة الغربية و37% في قطاع غزة) أغلقت أبوابها لعدد من الأيام نتيجة الإجراءات الحكومية الاحترازية.
وبلغت نسبة المنشآت التي توقفت عن العمل خلال الفترة مطلع مارس وحتى نهاية مايو 2020، حوالي 50%، تركزت في نشاط الخدمات بنسبة 64%، والصناعة 55%.
بينما وصلت نسبة أيام الإغلاق لأنشطة النقل والتجارة 53% و42% على الترتيب، كما تركز الإغلاق الأكبر في محافظة بيت لحم لفترة تزيد على شهرين.