ذكر أحدث تقرير صادر عن وكالة "ستاندرد آند بورز" (Standard & Poor’s) -التي تعد واحدة من وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الرئيسة في العالم- أن حصة واردات الولايات المتحدة من النفط الروسي بلغت مستوى قياسيا واستحوذت على نسبة 8% من إجمالي حجم واردات النفط للولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني من العام الجاري.
وفي مقال نشره موقع المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات، ذكر الكاتب فلاديمير ماليشيف أن هذه الحصة آخذة في الارتفاع بعد أن شكلت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الروسي عام 2018، 4% من جملة الواردات، وذلك وفقا لبيانات ستاندرد آند بورز.
وفي الحقيقة، تجاوز الحجم الإجمالي لإمدادات النفط الروسية إلى الولايات المتحدة في الوقت الراهن حجم إمدادات المملكة العربية السعودية، وفي حين بلغت الواردات الأميركية من النفط الروسي أعلى مستوى لها في 10 سنوات، تواصل المصافي الأميركية زيادة حجم مبيعاتها.
ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، بلغ حجم واردات النفط والمنتجات البترولية الروسية اليومي 648 ألف برميل في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، وهي أعلى نسبة يحققها المنتج المنافس منذ يونيو/حزيران عام 2012، علما أن حجم الإمدادات النفطية الروسية اليومي إلى الولايات المتحدة لم يتعدّ 538 ألف برميل عام 2020.
ولا تستورد المصافي الأميركية النفط الخام من روسيا، وتقتصر وارداتها فقط على زيت الوقود، والجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن أصدر في 15 أبريل/نيسان الحالي مرسوما يفرض عقوبات تستهدف الحدّ من الأعمال العدوانية والضارة للحكومة الروسية، باستثناء قطاع الطاقة إذ تستهدف العقوبات المفروضة الكيانات القانونية الروسية والأشخاص الطبيعيين الروس.
وفي الأشهر الأخيرة، نما الطلب على النفط الروسي من علامات خام الأورال وفاراندي التجارية، وبحسب بيانات وزارة الطاقة الأميركية، احتلت روسيا المرتبة الثانية في قائمة أكبر مصدري الذهب الأسود إلى الولايات المتحدة، في حين تحتل كندا المرتبة الأولى.
وبعد خسارة فنزويلا كمصدر لاستيراد النفط الثقيل بسبب العقوبات المفروضة عليها، وجد الأميركيون في روسيا المورد البديل، وفق التقرير ذاته.
شراء النفط من الخارج
وإزاء تساؤل الكاتب عن الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة إلى شراء النفط من الخارج مع أنها تُعدّ أكبر منتج له، أفاد خبير الاقتصاد والسياسات النفطية في مؤسسة "فينام" للأوراق المالية والاستثمار، ألكسي كالاتشوف، بأن المصافي الأميركية تعمل بنوع معين من المنتجات، وذلك ما يسوّغ حاجة الأميركيين إلى النفط الروسي.
وتابع الخبير حديثه قائلا إن معظم النفط الثقيل في الولايات المتحدة يُستورد من فنزويلا، وفي ظل فرض عقوبات صارمة عليها، اتضح أن النفط الروسي أصبح الأنسب للمصافي الأميركية.
من جهته، ذكر الخبير الروسي في شؤون الغاز، قسطنطين سيمونوف، رئيس صندوق أمن الطاقة الوطني أن "الحزب الديمقراطي يُلقي باللوم على ترامب في كل شيء في الوقت الحالي، قائلا انظروا إلى ما أوصل إليه الولايات المتحدة، إذ أصبح الروس يزوّدونها بحجم مُعيّن من النفط".
من جهته، صرح ترامب نفسه في يناير/كانون الثاني الماضي بأن بايدن سيأتي ببرنامجه الأخضر الذي سينعكس سلبا على صناعة النفط الصخري الأميركي، ويساعد روسيا على الاستحواذ على سوق النفط الأميركية".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post)، في إحدى مقالاتها التي نشرت في فبراير/شباط من العام الجاري، أنه بعد مرور عام على فرض الحظر النفطي على فنزويلا، بات واضحا أن المستثمرين الأميركيين يُعدّون الخاسر الوحيد، أما روسيا فتُعدّ الفائز الواضح، وفضلا عن ذلك، تحولت الاتفاقيات بين موسكو وكراكاس بشأن إنتاج النفط ونقله وبيعه في الأسواق الأخرى إلى تجارة مربحة بشكل مذهل للجانب الروسي.
وبحسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أميركيين، تستحوذ شركة "روسنفت" (Rosneft) على 400 ألف برميل من النفط الفنزويلي يوميا، أي ما يعادل أكثر من نصف إنتاج فنزويلا.
وعلى خلفية هذه التجارة، يمكن إعادة تقييم محاولات واشنطن منع استكمال خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بذريعة منع اعتماد أوروبا المتزايد على روسيا.
المصدر : الصحافة الروسية