تتزايد مؤشرات التصعيد في الضفة الغربية والقدس مع سلسلة الاحداث السياسية والميدانية التي شهدتها الساحة الفلسطينية، فقد تزامن إلغاء الانتخابات الفلسطينية مع موجة من الأحداث الميدانية التي تؤشر لحالة جديدة.
فقد شهدت القدس موجة عارمة من الاحتجاجات والاشتباكات بين شرطة الاحتلال والشباب المقدسي نتيجة قرار اغلاق باب العامود في رمضان والذي تصدى له أهل القدس وأجج الصراع في المدينة المقدسة.
من ناحية أخرى شهدت مدينة نابلس عملية إطلاق نار، وذلك بعد أيام قليلة من إلغاء الانتخابات الفلسطينية والتي ضاعفت من شعور الإحباط لدى الشارع الفلسطيني الذي كان يأمل أن تحدث الانتخابات تغييرا حقيقيا.
المزاج العام للشارع في الضفة الغربية انقلب رأسًا على عقب ودون مقدمات عقب أحداث باب العامود في القدس وإلغاء الانتخابات، والأخطر أن المواجهات امتدت لعدة نقاط تماس في الضفة الغربية ولم تتوقف عند القدس وهو مؤشر مهم.
من ناحية أخرى فإن معركة أهالي حيّ الشيخ جراح متواصلة في القدس المحتلّة من أجل البقاء في بيوتهم.
كل الأحداث السابقة تكللت بتصريح مقتضب لرئيس أركان كتائب القسام محمد الضيف عندما وجه التحية إلى أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وأكد بأن قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب.
ووجه قائد الأركان تحذيراً واضحاً وأخيراً للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غالياً.
وما بين هبة القدس والعمليات المنفردة في الضفة وصواريخ غزة وتهديد قائد أركان القسام، يجد الاحتلال نفسه أمام سيناريوهات صعبة للتعامل مع الواقع الفلسطيني.
الصحفي دانا بن شمعون قال: اختارت حماس أن تضع الضـيـف في الواجهة وتصدر رسالة باسمه وليس نقلا عن قياديين آخرين، لتؤكد أنها على استعداد لتصعيد الأوضاع وأن جهوزيتها العســـكرية في أعلى درجة، وجاء ذلك قبل انتهاء مهلة تشكيل الحكومة "الإسرائيلية" بـ 15 دقيقة لإرباك "إسرائيل" وتوجيه تحذير للحكومة المقبلة.
وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن عملية نابلس ذكرت بعملية الأسير عاصم البرغوثي، من حيث التخطيط المحكَم والذي يستهدف إرعاب المستوطنين وحكومتهم.
وتنظر الجهات الأمنية الاسرائيلية بقلق شديد لمستجدات الوضع الفلسطيني، حيث ترى أن عباس في نهاية حكمه وأن السلطة في حالة ضعف شديد، وترى أنه ستنشأ أحداث سياسية وأمنية وخيمة في حال انهيار السلطة الفلسطينية التي تعرضت لضغوط اقليمية ودولية كبرى من أطراف عدة لإجراء الانتخابات التي الغاها الرئيس عباس.
وترى الجهات الأمنية لدى الاحتلال أن ضعف السلطة الفلسطينية سيؤدي الى تصاعد كبير للأوضاع بالمنطقة وأن عملية نابلس الاخيرة هي سلسلة من عمليات وتصعيد كبير ستشهده المنطقة قريبا.
وبينت ان انهيار المنظومة الامنية والاجتماعية الفلسطينية سيدفع بقوى مختلفة للسيطرة على الاوضاع وهو ما سيؤدي الى فوضى شاملة تعيد الاوضاع الى سيناريوهات ما قبل عباس في المواجهة والتصعيد.
المحلل العسكري لصحيفة يديعوت احرنوت العبرية أليكس فيشمان قال إن عملية نابلس "تدل على عهد جديد، وبداية محتملة لهزة أرضية في رام الله، تهز كل الحارة" وفقا لوصفه.
وأشار إلى أنه "من اللحظة التي أعلن فيها عباس تأجيل الانتخابات، بدأ العد التنازلي لنهاية عهد حكمه، وكل ما يجري من تلك اللحظة؛ في المجال السياسي ومجال العمليات الفلسطينية في الضفة وفي غزة، ينتمي لفصل صراع الخلافة في الضفة الذي يهدد بفوضى فلسطينية داخلية ومواجهة عنيفة مع (إسرائيل)".
وأكد أن "المخابرات والجيش الإسرائيلي يستعدان منذ سنوات لهذا اليوم، ولكنه عندما يأتي، يستقبل بتردد وبالسؤال: هل يمكن كسب بعض الوقت الإضافي؟ إذن لا؛ يجب البدء بالتعاطي مع السلطة ككيان متفكك، فليس واضحا كيف سيبدو بعد بضعة أشهر أو سنة".