السلطة ترقص على جراح غزة وتستعد لجني المكاسب

السلطة ترقص على جراح غزة وتستعد لجني المكاسب
السلطة ترقص على جراح غزة وتستعد لجني المكاسب

غزة- شيماء مرزوق

 سنوات من الاذلال عاشتها السلطة الفلسطينية.. سنوات تستجدي اللقاءات والتفاوض والالتفات إلى من يقبع في المقاطعة، لكن لا أحد ينظر للخلف لا يوجد عاصمة عالمية أو عربية كانت تهتم بالسلطة ورئيسها الضعيف.

ما جرى هو مسار التاريخ الذي لا يلتفت فيه العالم إلا للقوة القادرة على قلب المعادلات وتغيير الوقائع بالنضال والمقاومة.

بدأت هبة الأقصى في رمضان المنصرم وتدحرجت الأحداث والاحتجاج إلى أن شهدنا انتفاضة عارمة في كل فلسطين توجت بعملية "سيف القدس" الذي ضربت بها المقاومة الاحتلال بقوة وهزمت "حراس الأسوار".

خلال هذه الأسابيع القليلة تجلى المشهد في فلسطين بوضوح، مقاومة يصطف خلفها كل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، في مقابل الاحتلال والسلطة التي تختبئ خلفه وتنتظر نتائج حربه إلى أين ستأخذها.

استطاع الفلسطينيون في لحظة تاريخية فارقة أن يجعلوا السلطة تتلاشى وكأنها لم تكن أمام المشهد الكبير الذي كانت فيه المقاومة تعبر عن كل فلسطيني.

اختبأ رجال السلطة وقادتها في مقراتهم يتابعون بخوف مسار الأحداث، لا صوت ولا فعل، لكن العالم الذي زرع السلطة في قلب فلسطين لحماية الاحتلال سرعان ما حاول انتشالها أولاً عبر اتصال رئيس الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ توليه الرئاسية بمحمود عباس، ثم بدأت تتعالى الأصوات الدولية المطالبة بدور للسلطة فيما يتعلق بالأوضاع في غزة والضفة وخاصة ملف إعادة الاعمار.

وكعادتها لطالما اعتاشت السلطة على تضحيات الشعب الفلسطيني وخاصة أهالي قطاع غزة الذين خاضوا أربعة حروب إلى جانب الحصار وحرب التجويع المستمرة التي تخوضها ضدهم سلطة رام الله.

مجدداً تحاول السلطة استغلال تضحيات أهالي غزة لتحقيق مكاسب خاصة بها أهمها:

أولاً: محاولة إحياء دور سياسي للسلطة: فليس سراً أن السلطة بدأت حصد النتائج السياسية للعدوان على غزة خاصة رئيسها عباس الذي يعيش نشوة لم يعرفها منذ سنوات فالاتصال الذي تلقاه بداية العدوان من الرئيس الأميركي كان ينتظره منذ تولي الأخير السلطة في الولايات المتحدة.

ومن الجدير ذكره أن عباس كان قد بادر في ذلك الحين إلى إعلان استعداد السلطة العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، غير أنه لم يتلق أي ردة فعل أميركية حقيقية، إلى أن جاء العدوان وتداعياته، والذي لم يجعل بايدن يخاطب عبّاس فحسب، بل دفعه، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكوري الجنوبي، إلى المطالبة بـ "الاعتراف بمحمود عبّاس قائداً للشعب الفلسطيني".

ما جرى محاولة دولية لإنقاذ السلطة من الانهيار أمام حجم الغضب الشعبي والمقاومة، كونها مشروعا دوليا له دور أساس في حماية الاحتلال.

ثانياً: اختفت السلطة طوال أيام الهبة والعدوان وظهرت بعدما وضعت الحرب أوزارها تفتح خزائنها لاستقبال أموال الاعمار، وهي ليست المرة الأولى التي تستغل السلطة الحرب على غزة لتحويل أموال الاعمار الى خزينتها بينما تماطل في اعمار القطاع المدمر نتيجة العدوان، إلى جانب رفضها دفع أي مخصصات مالية للشهداء والجرحى كما جرى بعد عدوان 2014.

وقد بدأت تتعالى أصوات أوروبية وأمريكية بضرورة أن تستلم السلطة أموال إعادة الاعمار بهدف تقوية نفوذها في غزة وضمان أن تبقى المقاومة بعيدة عن حالة الاعمار وممارسة المزيد من الضغط عليها بسيف الأموال والاعمار عبر السلطة.

ثالثاً: حظيت السلطة مجدداً بالتمثيل الدولي الذي وضعها وعزز وجودها كسلطة حكم ذاتي منزوعة الصلاحيات السياسية والميدانية، وحصر دورها كمسير لأحوال الناس وهي مهمة قامت من خلالها بأسوء ممارسات، من خلال الفساد ونهب المال العام والعقوبات التي فرضتها على قطاع غزة.

ومع ذلك هناك إصرار دولي على تقوية نفوذها لأن أي تجاهل لها يعني انتهاء السلطة، وقيادة المقاومة للشعب الفلسطيني وهو كابوس يخشاه الاحتلال والمجتمع الدولي.

رابعاً: استمعت السلطة جيداً ولمست اللفظ الشعبي لها خلال الهبة الأخيرة، ففي أول هبة جماهيرية حقيقية كانت شعارات الغاضبين تمجد المقاومة وترفض السلطة ونهجها، وقد صدحت الأصوات في الأقصى ضد السلطة حتى ضجت جدران المقاطعة بها.

سلوك الجماهير يشكل خطرا كبيرا لن تتجاهله السلطة ولكنها تنتظر الوقت المناسب للانقضاض على الهبة الشعبية ومنع أي تصاعد لأعمال المقاومة في الضفة الغربية حتى الشعبية منها والمسيرات الغاضبة، فهي ستعمل بقوة خلال الفترة المقبلة على إعادة قبضتها الأمنية الحديدية أقوى من أي وقت مضى وإعادة الهدوء التام للضفة؟ وهو تعهد قدمه عباس مجدداً خلال الأسبوع الماضي للاحتلال الإسرائيلي.

 

 

البث المباشر