قائد الطوفان قائد الطوفان

"شاهد على الحرب" معرض يوثق انتهاكات الاحتلال ضد الصحفيين

صورة من المعرض
صورة من المعرض

الرسالة نت-مها شهوان

حين يعلن الاحتلال الإسرائيلي معركته العسكرية على قطاع غزة، يكون المصور الصحافي على أهبة الاستعداد كما الجندي في الميدان، فتجده يسابق في كل مكان لتوثيق الحدث.

هنا يتقنص بكاميرته طفل يخرج من بين الأنقاض بعد قصف بيته، وهناك صورة لصاروخ لم ينفجر بعد، وفي ذلك الموقع الدولي صور لعائلات تسكن المناطق الحدودية يحاولون الهرب لأماكن أكثر أمنا.

تلك الصور التي نقلت معاناة غزة وصمودها للعالم وكان سبب في إحراج (إسرائيل) أمام المجتمع الدولي بعد أن كشفت زيف روايته.

 ورغم أن التقاطها ليس سهلا على المصورين فهم يعرضون أنفسهم للخطر لأن طائرات الاحتلال دوما تقف لهم بالمرصاد فتدمر مكاتبهم وتقتلهم لكنهم يخرجون من تحت الأنقاض لمواصلة عملهم.

حين انتهت معركة "سيف القدس" عاد مصورو غزة إلى احتضان عوائلهم بعد غياب دام لـ 11 يوما، لكن صورهم لاتزال تتنقل عبر الوكالات الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي، ولتصل الصور للجمهور افتتح المكتب الإعلامي الحكومي معرضا للصور بعنوان "شاهد على الجريمة" في الجندي المجهول وسط مدينة غزة.

وبمجرد وصولك للمعرض يقابلك مسجم كبير يختصر معاناة الصحفيون في المعركة الأخيرة، أكوام من الحجارة على كل حجر اسم لوكالة أو مؤسسة إعلامية قصفت، بالإضافة إلى معدات تصوير تضررت وعدد من الصواريخ والقذائف التي استهدفت تلك المكاتب الإعلامية.

في أحد أركان المعرض يقف المصور بشار طالب يستعرض 10 من صوره التي التقطها خلال التصعيد الأخير، وكل واحد تختصر موضوع ما بين الدمار وحب الحياة، كما وكانت صورته التي تصدرت الكثير من الفضائيات الدولية حين التقط صاروخ يسقط على المدنيين وهو نوع جديد تستخدمه (إسرائيل).

يقول بشار لـ "الرسالة": صوري تختصر مشاهد 11 يوما من القصف والتدمير، فلكل صورة حكاية لا يعلمها سوى المصور بخلاف المشاهد الذي ينظر اليها كصورة ويرحل"، مشيرا إلى أن المصور عند التقاطه للصور خاصة في الحروب تمتلكه مشاعر ممتزجة ما بين الخوف والقلق خشية الاستهداف بأية لحظة.

وعن أكثر المشاهد التي تأثر بها خلال عمله ذكر أن حادثة ال أبو العوف والكولك لم تغب عن باله لحظة، خاصة وأنه وثقها وشاهد جميع الشهداء ينتشلون من تحت الأنقاض، لافتا إلى أنه كان يحاول التماسك في كل مرة فيلتقط الصور ويعود لمكتبه لتصديرها لكنه كان يتوقف عند كل صورة ويسترجع تفاصيلها.

يتحدث المصور وهو ينظر إلى كاميراته ويحكي كثيرا ماكنت أخاطبها " ما تخذليني، ما توقفي شحن" يضحك ثم يحكي أن هناك حالة تناغم بينه وكاميرته.

وفي سؤال "هل تراجع بشار بعد استهداف المكاتب الصحافية واصابة عدد من المصورين وتدمير المكاتب"، يجيب سريعا: على العكس كان دافعا لمواصلة عملي ونقل الصورة، فحين استهدف الصحافي يوسف أبو حسين كنت أول مصور يلتقط صور الحادثة، فقطعت مسافة طويلة وأنا أحمل معدات التصوير حتى التقطت الصور رغم مشاعر الحزن والالم".

وإلى زاوية أخرى كان المصور محمود عجور يشرح للزوار عن الصور المعروضة، اقتربت "الرسالة" منه للحديث عن تجربته يقول:" حاولت أن أظهر صور المعاناة والأمل، فهذه زهرية بها ورود تمكن صاحب البيت من إخراجها بعد قصف برج الجوهرة، كان فرحا كثيرا حين وجدها".

ويضيف: لدي صور حين أقلب بها أتساءل كيف تمكنت من التقاطها والحديث إلى أصحابها، خاصة الشاب أنس اليازجي الذي رافقته وهو يبحث عن خطيبته شيماء أبو العوف ووجدها في ثلاجة الموتى".

أكمل عجور شرحه للصور لكل من يقترب من زاويته، بينما في الزاوية المجاورة يجلس المصور مؤمن قريقع على كرسيه المتحرك ليستعرض صوره، ويصف عمله بالصعب في جولات التصعيد، ويعلق" كوني أتحرك باستخدام الكرسي دوما أبحث عن زوايا مختلفة لتوثيق مشاهد الدمار".

ويخبر "الرسالة" أنه بحث عن جوانب القصف داخل الحياة المدنية حيث المكتبات والمصانع التي دمرت، بالإضافة إلى محاولته إظهار الأمل وحب الغزيين للحياة فمثلا التقط صورة لطفل وجد قطته لاتزال على قيد الحياة خرجت من تحت الأنقاض.

وأكثر ما يخيف قريقع وهو يلتقط صور المجازر أن تكون عائلته الضحية المقبلة فيتملكه الخوف، لكنه بعد ذلك يسيطر على ذاته ويصنع الكثير من الصور التي تلقى رواجا دوليا وتفضح الاحتلال.

وعلى مقربة منه كانت زاوية المصور حسام سالم، والتي شملت كل الاحداث التي وقعت في الجولة العسكرية الأخيرة من وداع الشهداء وتدمير البيوت وهرب الناس من بيوتها، وإظهار معاناة المدنيين.

يذكر حسام أنه حين كان يلتقط الصور الإنسانية لأي شخص، بعدها يتوقف ويركز معه، فكما كاميرته تخزن الصور فذاكرته تحفظ الكثير من المواقف التي تصاحبه فور رؤيته لأي صورة التقطها.

ويحكي أن حادثة استشهاد ياسر مرتجي أثناء مسيرات العودة، وانتشار صورته وهو يبكي خلال تشييعه لصديقه أثرت به كثيرا وأغضبته كيف لمصور أن تلتقط له صورة وهو بهذا الحال، حينها بات يركز في الصور التي يلتقطها أكثر وينظر إليها كمشاهد يتأثر.

وبين كل الزاويا كان يتنقل محمد دحلان مصور الاناضول بكاميرته يصور قصص زملاءه، فكان اليوم الأول لعودته إلى العمل بعد اصابته بشظايا صواريخ الاحتلال حين قصفت الطائرات مبنى بالقرب منه وهو ينصب كاميرته.

كل صورة في المعرض توثق جريمة إنسانية ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين، وذلك بأبسط المعدات التي يمتلكها المصورين، فلكل صورة حكايا مؤلمة حاول المعرض إيصال بعضا من تفاصيلها.

 

 

 

البث المباشر