قائد الطوفان قائد الطوفان

فادي وشحة.. تُقصف غزة فيرتقي شهيد في الضفة   

جانب من تشييع جثما الشهيد فادي وشحة
جانب من تشييع جثما الشهيد فادي وشحة

الرسالة نت-رشا فرحا

قبل أسبوعين، أطلق جندي الرصاصة على رأس فادي وشحة، وظلت الدماء تنزف مغطية وجهه، بينما الظهر منتصبا والكوفية ملفوفة حول الرقبة تحاول أن تتذوق الدماء النازفة فوقها، وذراعا فادي ملفوفتان خلف ظهره، مقيد ينازع الوقوع، فيرفع الظهر ويفرد الكتفين، وكأن معركته الأخيرة تنتهي بالسقوط أرضا.

يحمل فادي على أكتاف أصحابه ويظل يقاوم سقوطه لأسبوعين، وهو لا يعلم أن الشهادة هي التي ترفع الأسماء عاليا وتفرد الظهر وتعدل الأكتاف.

فادي صادق موسى وشحة يبلغ من العمر (34 عاما)، ويسكن في بلدة بيرزيت شمال رام الله، حيث أصيب في المواجهات التي حدثت رفضا للعدوان على غزة.

كان رأسه مغطى بالدماء كما أن غيمة مطر أحمر أرخت رحمتها على رأسه، فأسماه أصدقاؤه بالمطر الأحمر الطاهر، وهو أسير سابق قضى 8 سنوات في سجون الاحتلال وكغيره من الأسرى يخرجون بعد طول عذاب أكثر صلابة وقوة، فيقاومون مجددا من النقطة الأولى حتى القطرة الأخيرة من الدماء.

لكن هل تعلم ما معنى أن تصاب في مقتل، ثم تركع مجبرا ودماؤك تنزف، ويجبرك المحتل على الجلوس نازفا تحت الشمس طمعا في استسلامك، أو تفشيا وقهرا منك، لكنك رغم الجرح النازف القاتل، لا تستسلم.

وفي المستشفى وجه آخر للنصر، يتجسد في وجه أم تغالب دموعها وتقول: "مبروك الشهادة يمة" وقد أصبحت الشهادة عرسنا الأزلي الوحيد الذي يستحق أن نقبل أو نرسل فيه التهاني لبعضنا البعض.

الشهيد "وشحة" كان اعتقل لدى الاحتلال عدة مرات، وامضى ما يقرب من ثمانية أعوام في سجون الاحتلال، منها 5 متواصلات حيث كان اعتقل عام 2014، ولا يزال طالباً في كلية الآداب في جامعة بيرزيت بتهمة مقاومة الاحتلال وإطلاق النار على مواقع عسكرية برفقة ابن عمه الشهيد معتز وشحة، الذي ارتقى عام 2014 بعد اغتياله في منزله.

 اعتقل الأسير فادي لاحقاً عقب استشهاد ابن عمه واتهم بالتعاون معه، وقد أمضى محكوميته وتحرر في فبراير 2019، وكان سبق أن اعتقل وأمضى 3 سنوات متفرقة في السجون.

ثم انتهت حياة طويلة من الإصرار والنضال برصاصة في الرأس، وقد كان من المفترض أن يتخرج فادي من الجامعة هذا العام، ولكنه حصل على شهادة أعظم كثيرا من شهادات الورق، زف الشهيد وشحة اليوم ملفوفا بالعلم الفلسطيني، وبندقيته ممددة فوق صدره، بجنازة عسكرية مهيبة تليق بمن يموتون وقوفا.

البث المباشر