انطلقت في العاصمة العراقية بغداد قمة ثلاثية تجمع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وقد شدد الرئيس المصري، في كلمة له خلال القمة، على وجوب "تعزيز التعاون خاصة مع ما تشهده المنطقة من تدخلات إقليمية مرفوضة تسعى للهيمنة وتهدد الأمن العربي".
وأكد السيسي استمرار العمل لتثبيت وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، كما شدد على وجوب خروج القوات الأجنبية من ليبيا واحترام وقف إطلاق النار.
تنسيق مشترك
وتهدف القمة الثلاثية إلى استكمال ما تمّ بحثه في اللقاءات السابقة التي جمعت قادة البلدان الثلاثة، من أجل بلورة آلية تنسيق مشترك.
وفي وقت سابق اليوم وصل السيسي إلى بغداد ليصبح أول رئيس مصري يزور العراق منذ غزو صدام حسين للكويت عام 1990.
وأدى الصراع إلى توقف العلاقات الدبلوماسية بين العراق ومصر، لكنها تحسنت في السنوات الأخيرة، إذ تبادل كثيرون من كبار مسؤولي البلدين الزيارات.
وتستهدف هذه الجولة الرابعة من المحادثات تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول العربية الثلاث. وفي السنوات الأخيرة، وقع العراق اتفاقيات تعاون في قطاعات الطاقة والصحة والتعليم مع الأردن ومصر.
ووصل العاهل الأردني إلى بغداد بعد فترة وجيزة من وصول السيسي، واستقبله أيضا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس العراقي برهم صالح.
وعقد الكاظمي والسيسي والملك عبد الله قمة العام الماضي في عمّان، وكان من المقرر عقد قمة أخرى في بغداد في أبريل/نيسان الماضي لكنها تأجلت بسبب حادث قطار في مصر خلف عشرات القتلى والجرحى.
اتفاقيات للتعاون الثنائي
وفي فبراير شباط، وقعت مصر 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف القطاعات، بما في ذلك النفط والطرق والإسكان والتشييد والتجارة، بعدما وافق مجلس الوزراء العراقي في ديسمبر/كانون الأول على تجديد عقد إمداد الهيئة المصرية العامة للبترول بإجمالي 12 مليون برميل من خام البصرة الخفيف لعام 2021.
وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي "أكد تطلع مصر إلى تطوير التعاون الثنائي مع العراق إلى إطار مستدام من التكامل الاقتصادي والتعاون الإستراتيجي، خاصة في ظل التحديات الكبيرة، التي تموج بها المنطقة، فضلا عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن جائحة كورونا".
كما يخطط العراق لإنشاء خط أنابيب يستهدف تصدير مليون برميل يوميا من الخام العراقي من مدينة البصرة في جنوب البلاد إلى ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر.
وإثر محادثات مقتضبة بين برهم صالح وعبد الفتاح السيسي بعد وصول الأخير إلى مطار بغداد الدولي، شدّد صالح على أهمية "رفع مستوى التنسيق" بين الدول الثلاث و"تنمية آفاق التعاون في الاقتصاد والتجارة والتنمية ومشاريع البنى التحتية ونقل الطاقة والنفط".
كما بحث صالح مع العاهل الأردني سبل حلحلة الأزمات وتخفيف التوترات بالمنطقة، خاصة في سوريا وليبيا واليمن، "بهدف الانطلاق نحو آفاق الحل السياسي عبر التلاقي والحوار"، حسب ما جاء في بيان للرئاسة العراقية.
الاقتصاد والأمن
وأضاف البيان أن الجانبين بحثا "التنسيق المشترك لمواجهة تحديات الإرهاب والتطرف، وتداعيات وباء كورونا الصحية والاقتصادية، وأزمة التغير المناخي التي تعد خطرا مشتركا يهدد الجميع".
وبدوره رحب الكاظمي في تغريدة بهذه القمة، معتبرا أنها تؤسس لـ"مستقبل يليق بشعوبنا".
وفي قمة مماثلة في الأردن في أغسطس/آب 2020، شدّدت الأطراف الثلاثة على "أهمية تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والحيوية كالربط الكهربائي ومشاريع الطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة" بينها.
وبعد تلك القمة توجه الكاظمي إلى واشنطن حيث التقى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في لقاء اعتبر جولة ثالثة من "الحوار الإستراتيجي" بين البلدين، تلاه تخفيض لعدد القوات الأميركية في العراق من 5200 عسكري إلى 2500 بحلول كانون الثاني/يناير 2021.
وتعد كل من القاهرة وعمّان حليفتين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولذلك ينظر إلى هذه القمة على أنها محاولة لتقريب العراق من واشنطن وتحقيق توازن في علاقته معها، وسط خلافات تزداد تعقيدا بينها وبين إيران التي تدعم فصائل مسلحة في العراق، لا سيما فصائل الحشد الشعبي المنضوية في القوات الرسمية العراقية.
المصدر : الجزيرة + وكالات