قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية: إن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تعد قادرة على حماية نفسها.
ولفت هنية في لقائه مع الفعاليات الشبابية والهيئات الثقافية والنقابات والمؤسسات ولجان الأحياء والقواطع في المخيمات الفلسطينية بالعاصمة اللبنانية بيروت، امس الثلاثاء، إلى أن "هذه المعركة التي حملت اسم سيف القدس، واجهت معركة إسرائيلية تحت اسم حارس الأسوار، ما يعني أن اسم عملية الاحتلال تحمل في مضمونها موقع الدفاع لا موقع الهجوم، أما معركة المقاومة فتحمل في طياتها الهجوم والمبادرة والشجاعة".
وأضاف: "ندرك في ذلك أن واقع العدو اليوم، لا يسمح له بشن معارك طويلة أو نقل المعركة إلى أرضه".
الأجيال الفلسطينية لا تفرط بحقها
وخاطب هنية، الحضور قائلًا: "رغم قسوة الأيام ظللتم واقفين شامخين، تحملون الهوية ومفتاح الدار، لتتأكدوا أن هذه الأجيال الفلسطينية لا تفرط، ولا تعترف بهذا الكيان الصهيوني على أي شبر من أرض فلسطين".
وتابع: "كنتم ولا زلتم صناع الأحداث، كيف لا، وهذه الآلاف المؤلفة من أبناء شعبنا الذين هجروا من أرضهم ليعيشوا في أرض الشتات، يخوضون المعارك حتى يحققوا العودة إلى أرضهم وديارهم".
وأردف: "اليوم نأتيكم يا ورثة المجد وصناع المستقبل نحمل إليكم سيف القدس الذي أشهرناه بوجه العدو، الذي أراد أن يعيث فسادًا في قدسنا وأرضنا، فكان سيف القدس البتّار له بالمرصاد، في واحدة من أهم المعارك والمواجهات، من حيث الزمان والمكان".
وأوضح هنية أنّ "معركة سيف القدس مختلفة عن باقي المعارك، لأنها من المرات القليلة التي تبادر فيها المقاومة بالفعل من موقعها في غزة لتتصدى للعدو في قضية مرتبطة بوجداننا وعقيدتنا ألا وهي القدس. هذه المبادرة أفقدت العدو توازنه، وقطعت عليه الطريق من تنفيذ خطته العسكرية المعدّة مسبقا".
وأكد هنية: "اليوم المقاومة هي التي تبدأ وتبادر وتضرب في قلب الكيان. فزمن انتصارات العدو على شعبنا ومقاومتنا قد ولّى إلى غير رجعة، هذا الزمن الذي يحدد فيه توقيت المعركة ومساحتها ومداياتها قد ولّى. لا نقول ذلك بلغة عاطفية، بل بلغة الواقع؛ إذ إن المقاومة هي التي تحدد توقيت إطلاق الصواريخ ومواعيد الضربات".
وشدد هنية على أن "العدو فشل في إيقاف صواريخ المقاومة، على الرغم من أن طيرانه يحتل سماء غزة، والقبة الحديدية تغطي كافة الأراضي الفلسطينية، ومع ذلك الصواريخ تصل وتضرب الأراضي المحتلة".
وأضاف رئيس المكتب السياسي: "يا أهلنا في لبنان، اطمئنوا إنّ ذراعكم ضاربة في أرض فلسطين، لن يستطيع العدو أن يثني هذه الذراع".
القدس محور الصراع مع العدو
وتابع: "هذه النتائج المهمة في المعركة، تحمل طابعًا إستراتيجيًّا في إدارة الصراع مع العدو، الأولى أن المعركة وربطها بالقدس، يعني أن المقاومة لم تدخل المعركة بأمور تتعلق بغزة، لا من أجل الحصار أو فتح معابر. هذه العملية عنوانها الرئيس هو القدس، لنقول للعالم أجمع إن محور الصراع مع العدو هو القدس".
وأردف هنية: "معركة سيف القدس أطاحت بصفقة القرن؛ لأننا أرسلنا رسالة للإسرائيلي والأميركي بأن القدس والسيادة عليها لنا، نحيي أصحاب الحق وهذه أرضنا، وإن أردتم منعنا من الوصول إلى القدس، وتريدون استباحة المسجد الأقصى، فنحن سنصل إلى القدس برشقات صواريخنا".
وتابع: "الرسالة قد وصلت للعدو ممهورة بالدم والبارود، إذ نحن لا نرمي كلامًا، وعندما يقول قياديو المقاومة ويحذرون العدو من المساس بالقدس، فهذا ليس لتسجيل مواقف، وإنما هذا الأمر مدعوم بفعل وعمل".
وشدد هنية: "إستراتيجيتنا كانت ولا زالت عدم استقرار العدو، نحقق ذلك في أن نظل في حالة اشتباك معه، وبأي شيء، بالمقاومة الشعبية، البندقية، بالصاروخ، بالاعتكاف، بالحجارة، إذ إن كل شيء له وقته ولحظة استخدام".
وأوضح القيادي في "حماس": "ما فعلناه هو إعادة الاعتبار لقضية القدس في محور الصراع مع العدو".
وأضاف: "خيار التحرير والعودة يكون من خلال المقاومة، خاصة أننا قد جربنا خيار التفاوض والاعتراف بالكيان، فيما النتيجة كانت فاشلة ومرة وصعبة علينا".
وتابع: "امتدادات المقاومة وتشعباتها متعددة؛ من كفاح مسلح ومقاومة سلمية وشعبية وإضرابات وقطع حبال عن الكيان في الخارج، والسوشيال ميديا.. كلها مقاومة، طالما أنه في مواجهة العدو".
وقال هنية: "اقتربنا من النصر، لا نريد أن نستخف بالعدو، ولكننا ليل نهار نجهز أنفسنا من أنفاق وصواريخ وضفادع بشرية ونستعد بطريقتنا، فبعد 73 سنة إسرائيل لم تعد قادرة على حماية نفسها".
وأضاف: "كل مكون من أبناء شعبنا يحدد طبيعته ودوره في إستراتيجية التحرير، فلا أحد سيمنعنا في استئناف المقاومة في الضفة ولا في أي مكان".
ما حصلنا عليه في سيف القدس لن نسلمه للاحتلال في ملف الإعمار
وشدد هنية على أن ما حصلت عليه المقاومة في معركة سيف القدس، لن يسلَّم للاحتلال في ملف الإعمار، وأن المقاومة ستتمسك بمكاسبها، ولن تضع قضية الإعمار على الطاولة، وسيتم إعمار ما دمره الاحتلال".
وتمنى هنية للبنان الاستقرار والأمن، وقال: "لبنان يحبنا ونحبه، وهو الذي حضن المخيمات وعايشنا معه آلامه وفرحه، وكنّا قد تحدثنا مع الرئاسات الثلاث، وأكدنا لهم أننا ضيوف على لبنان حتى نعود. صحيح أن مدة الضيافة طالت، ولكن الأمر ليس متعلقا بنا".
وتابع هنية: أكدنا للرئاسات الثلاث، "هذه المخيمات لن تكون إلا عامل استقرار، ولن تكون منطلقًا لأعمال عدائية، وستكون واحة استقرار وتعاون وعاملًا مشتركًا كي تبقى قلاع مقاومة وصمود وعودة".
وحول وحدة الشعب الفلسطيني خلال المعركة الأخيرة، قال هنية" إن "الشعب الفلسطيني ظهر موحدًا في هذه المعركة، رأينا عشرات الألوف تناصر القدس وغزة والشيخ جراح، ونحن على بعد آلاف الكيلومترات، وسمعنا هتافكم، وأنتم تهتفون للمقاومة وفصائلها وللصمود، وحيوية شعبنا وأهلنا في لبنان، والفعل الذي شاهدناه على الرغم من الظروف الصعبة في لبنان وكل مكان، وإذ بالشعب الفلسطيني كله موحد".
وتابع: "تفاجأ العدو بأهلنا في الـ48 الذي عاش تحت كل نظريات الأسرلة، ومحاولة سحبه وتدميره، إلا أنها انتفضت، ليلتحموا مع أهل القدس والمقاومة، هذا الأمر كان له تأثير كبير جدًّا على العدو".
وأكد هنية أهمية أن تكون الفصائل الفلسطينية منطوية داخل منظمة التحرير، التي يجب أن تضم الجميع، وأن "تلعب القوى الفلسطينية دورًا في بناء مؤسسات السلطة".
وأضاف هنية: "إن تراجع القضية الفلسطينية، وقضية القدس عن الاهتمام العربي كسرناه بمعركة سيف القدس، تجمعنا فلسطين وكلما موحدون حول فلسطين، وسمعنا هذا الكلام من أحزاب متعددة ومختلفة في الدول العربية كافة".
وأشار هنية إلى التحول الذي شهده المجتمع الدولي وتغيّر نظرته لهذه الأمور، وقال: "الحراك كان كبيرًا وغير مسبوق، وعدة مدن منها أميركية وأوروبية قد شهدت تظاهرات كبيرة، كما على الصعيد السياسي الذي شهد حراكًا مميزًا ولعب دورًا ضاغطًا على الاحتلال".
وختم هنية حديثه قائلًا: "سنرى الانتصار قريبًا، وما ذلك على الله ببعيد".