بعناد بيتا.. المستوطنون يغادرون الجبل

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-رشا فرحات

بعد أكثر من شهرين من المواجهات والإرباك الليلي الذي أشعله أهل قرية بيتا فوق جبل صبيح جنوبي مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، استسلم أخيرا مستوطنو بؤرة أفيتار وغادروا المستوطنة المقامة أعلى الجبل.

وأظهرت صور متداولة لمجموعة من المستوطنين وهم يحملون أمتعتهم وبقايا شوادرهم وخيامهم ويرحلون من فوق الجبل فيما ذكرت تقارير إعلامية إن الاحتلال سيبقى على المنازل المتنقلة وسيحولها الى مدرسة دينية يهودية.

والحقيقة أن قرارات الاحتلال التي بدأت من خمس سنوات سابقة بالاستيطان والإخلاء والمحاولة مرة بعد مرة كانت تواجه بعشرات المحاولات من سكان بيتا فلم تكن هذه المرة هي الأولى، ولن تكون الأخيرة على أي حال.

وتطبيقا لمبدأ "العيار الي ما بيصيب بيدوش" كان لأهل بيتا الكثير من القصص السابقة في تهجير المستوطنين وإرعابهم، ففي عام 2018 نجحت حالة الضغط الشعبي التي شكلها أهالي بلدة بيتا في إجبار الاحتلال الإسرائيلي على تفكيك وإزالة بؤرة استيطانية أقامها مستوطنون متطرفون في منطقة جبل صبيح جنوبي البلدة.

وشرع جنود الاحتلال في ذلك الوقت وعمال تابعون له بإزالة البيوت المتنقلة التي نصبها المستوطنون هناك ما سجل في ذلك الوقت على أنه انتصار كبير لسكان البلدة، إثر تصديهم للمستوطنين الذي حاولوا سرقة الأرض، بحماية من جيش مدجج بالعتاد والسلاح.

ثم عاد الاحتلال مرة ومرة، وعاد أهل بيتا، ولكنهم هذه المرة تعلموا من غزة فأناروا الجبل بوحدة الكوشوك، التي تضخ نيران الليل بين أصوات الصرخات المرعبة، وتبدأ عملها من بعد الظهر وحتى ساعات المساء المتأخرة وإلى جانبها وحدة المقلاع ووحدة البالونات الحارقة.

 يهرب المستوطنون لأن أهل بيتا وحدهم يفهمون جبن المستوطن، ثم ترصد وحدة الإعلام التابعة للوحدات السابقة كلها، وتنقل الحدث، وتكتب آلاف الحكايات عن وحدة ليلية أربكت الاحتلال، عن قبس من نار غزة، أشعلتها بيتا في الضفة.

غسان دغلس المختص بقضايا الاستيطان في الضفة الغربية يصف المشهد قائلا: مستوطنة ايتمار كانت مطفأة الليلة الماضية، فالاحتلال أخلى كل العائلات ورحلوا جميعهم من المستوطنة، لكن الأمور غير واضحة والصورة غير مكتملة.

وتحدث دغلس عن أن الجيش الإسرائيلي يدعي أن هناك صفقة بينه وبين المستوطنين لتحويلها الى ثكنة عسكرية او معبد ديني وهذه ليست المرة الأولى التي يطرد فيها أهل بيتا المستوطنين من جبل صبيح، بل هذه هي المرة الرابعة، ولكن الاحتلال استغل حرب غزة وأقام كل كرفاناته خلال عشرة أيام من الحرب على غزة حتى فوجئ العالم بأربعين وحدة استيطانية بنيت في عشرة أيام.

ووفق دغلس فإن المرة السابقة كانت أهون على أهل بيتا لأن المواجهة اقتصرت على بعض خيام المستوطنين لذلك كان النصر أسرع، لكن هذه المرة مدة المقاومة استغرقت فترة أطول ودخلت فيها عملية الارباك الليلي لأن هناك مستوطنة أقيمت بالفعل في وقت زمني وأرض سرقت بينما الإعلام مشغول في حرب غزة.

ولكن، وإن كان العالم مشغولا عما يحدث في جبل صبيح، لكن أهل الجبل هم الأكثر عنادا، لذا قاومت بيتا حتى النفس الأخير، أو كما يرى دغلس أيضا أن هناك تصعيدا متواصلا وسيبقى مضيفا:" وأهل بيتا مستحيل ينزلوا من على الجبل".

واللافت هذه المرة على حد قول دغلس أن الجميع يشارك في الارباك الليلي، الرجال يشاركون كل يوم بعائلاتهم، نساؤهم وأطفالهم ولديهم إصرار أكبر من كل مرة، وها هي الخطوة الأولى تتحقق بانسحاب عائلات المستوطنين والرسالة وصلت "إن عدتم عدنا".

البث المباشر