للمرة الثانية بعد عزله من رئاسة الوزراء، التقي محمود عباس رئيس وزرائه السابق سلام فياض، وعلى عكس ما تداولته وسائل الإعلام، فإن الزيارة اقتصرت وفق معلومات وصلت "للرسالة" في المرتين، على الحديث حول رؤية الإدارة الأمريكية للتعامل مع القضية الفلسطينية.
المرة الأولى كانت عام 2018، بعد تولي إدارة ترامب دفة الإدارة الامريكية، أراد يومها رئيس السلطة معرفة الموقف الأمريكي من مطالبات إقليمية تمثلت في تخفيف الإجراءات على غزة من جهة، وجلب القيادي المفصول من فتح محمد دحلان لسدة السلطة عبر المصالحة الداخلية مرة أخرى.
المرة الثانية كانت عقب العدوان على غزة وجاءت لفهم رؤية الإدارة الامريكية الجديدة، خاصة في ضوء التطورات الأخيرة بالمشهد الفلسطيني، لاسيما قضية تعطيل الانتخابات الداخلية الفلسطينية ومسار التهدئة في غزة.
وتكشف مصادر مقربة من فياض، أن اللقاء كان بحضور أبرز قيادات فتح، بمن فيهم محمود العالول نائب رئيس الحركة ود. محمد اشتيه رئيس وزراء رام الله، إلى جانب د. زياد أبو عمرو، ثم في الجزء الثاني من الجلسة حضر محمود الهباش.
ونفت المصادر في حديثها لـ"الرسالة نت" الحديث عن تفويض عباس لفياض تشكيل حكومة جديدة، رغم إيعازه في وقت سابق لبدء مشاورات مع فصائل منظمة التحرير حول إمكانية تشكيل حكومة جديدة خاصة بهذه الفصائل وشخصيات تكنوقراطية؛ لقطع الطريق على حركتي حماس والجهاد الإسلامي في موضوع الانتخابات.
ووفق المصادر فإنّ فياض عرض في حديثه ضرورة التوصل إلى حل مع حركة حماس بتجاوز فكرة شروط الرباعية مع إمكانية مشاركة وزراء فيها.
مصادر في حركة فتح أكدت ما وصلت له "الرسالة"، مشيرة إلى أن تركيز رئيس السلطة محمود عباس تمثل في فهم الرؤية الامريكية لمسار المفاوضات الجديدة، إلى جانب التركيز على فهم الرؤية الأمريكية في التعامل مع الحالة الفلسطينية بعد تعطيل الانتخابات.
وفي سياق متصل، أكد المصدر أن عباس لا يثق بفياض ليكون رئيسا للوزراء، خاصة أن الديمقراطيين في الإدارة الأمريكية لا يشترطون ذلك أو يتحمسون له خلافا لموقف الجمهوريين الخاص بطلب ترشح فياض.
وتربط المصادر تحفظ عباس بقرب فياض من الإمارات واتهامه سابقا بالتحريض عليه حين كان رئيسا للوزراء.
وتشير المعطيات أن حركة فتح غير معنية بعودة فياض للحكومة بعد أن تخلصت منه بصعوبة، وعملت كثيرا لتعيين رجل من مركزيتها في رئاسة الوزراء، رغم وجود شكاوى بضعف دور الحكومة الجديدة مقارنة حتى مع حكومة رامي الحمد الله الذي كان يوصف بأضعف رؤساء الحكومات في السلطة.
أما في غزة، ورغم شح المعلومات الواردة حول زيارة فياض للقطاع وما حمله من رسائل خلال زيارته لها، فإن لقاءاته اقتصرت مع عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور غازي حمد.
وتشير مصادر مقربة من فياض، أن هناك عاملين يركز عليها، أولهما الوصول لرئاسة حكومة وطنية متوافق عليها وفق برنامج منظمة التحرير تشارك فيها حركة حماس، والثاني الوصول الى تهدئة طويلة الأمد في غزة تضمن استمرار الوضع الراهن.
ويؤكد المصدر أن الإشكال متعلق بالأساس في مدى قناعة عباس بالشراكة مع فياض أولاً ثم مع حركة حماس.
وتكشف المعلومات أن فياض سيعود مجدداً لغزة في غضون الفترة الوجيزة القادمة، ورغم أن الهدف المعلن للزيارة هو شكر طواقمه التي عملت معه فترة الإعلان عن العملية الانتخابية بغزة، إلا أن ما تخفيه السياسة أكبر.