ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال عائلة الرجبي، صاحبة البيت والأرض في حي سلوان، والتي هُجرت من منازلها بعد مصادرتها، منذ بدأت حملة الاحتلال المسعورة ضد حي سلوان، حتى غدت العائلة أيقونة معروفة، وأصبح كل فرد فيها هدفًا للاحتلال.
وهكذا كلما ردد أفراد العائلة جملتهم المعتادة "لو بخيمة بدنا نضل في سلوان"، كلما زاد عليهم الظلم والطغيان (الإسرائيلي).
قبل عام، بدأ أبناء المرحوم عبد الفتاح الرجبي صراعهم في محاكم الاحتلال، لتتوقف معاناتهم التي امتدت لأربع سنوات، بعد تلقيهم بلاغات قضائية من المستوطنين تطالبهم بالأرض المقامة عليها منازلهم بحجة ملكيتها لليهود.
وبعد مداولات وجلسات أصدرت المحكمة قراراً بالإخلاء ينفذ مع بداية أبريل الماضي، ثم تأجل الحكم بعد المواجهات والتضامن الأخير مع سلوان والشيخ جراح، ولكن المحاكم التي تؤجل ترسل جرافاتها لتهدم.
فقبل أيام استهدفت العائلة مرة أخرى حينما استهدف الطفل حربي الرجبي برصاصة في ظهره، ثمنا لذهابه للصلاة، وقبل يومين هدم الاحتلال دكان والده في سلوان، حتى بات كل رجبيّ في سلوان مستهدفاً، وكلما خرج أحدهم من باب منزله يرشونه بالغاز والمياه العادمة التي أغرقت سلوان.
أبو زكي الرجبي عم حربي الرجبي قال في مقابلة معه: "أطلقوا النار على الولد وهو ذاهب ليصلي، تلقى رصاصة في ظهره، يصادرون بيوتنا، يريدون تهجيرنا، وقبل أيام هدموا دكان والده".
ويضيف أبو زكي: "ليست المرة الأولى التي يكون فيها حربي نقطة استهداف، فقد اعتُقل قبل ذلك، وهذه هي الضريبة التي ندفعها جميعاً في سلوان، وكلما أردنا الصلاة أطلقوا علينا النار، لا يُسمح لنا بحياة، ما ذنب الأطفال وكبار السن، ما ذنب المرضى، لماذا هذا العقاب الجماعي للعائلات المسالمة في سلوان؟
لا يريد الاحتلال بقاء فلسطيني واحد في القدس، في محاولة منه لفرض السيادة الديمغرافية على المدينة وخاصة الأحياء القديمة فيها.
حربي البالغ 18 عاما ممدد الآن على فراش المرض في المستشفى محروم من الذهاب إلى مدرسته منذ زمن لكثرة ما اعتقله الاحتلال وأجبره على الإقامة الجبرية في منزله، إلى جانبه جدته التي تعد الساعات على شاب فقد كل فرصته في حياة تليق بعمره.
بالأمس استأصل الأطباء إحدى كليتيه وطحاله، بعد اختراق الرصاصة لظهره وتمزيقها لأحشائه، وبعد نزيف حاد بقي حربي بكلية واحدة وجسد لا زال ممدداً لا يعلم ذووه ما الذي يخبئه له الغد.
ويروي والد نضال الرجبي أن إطلاق النار كان كثيفا والمواجهات في سلوان كثيرة، والاحتلال كان معنيا بالقتل العمد للشباب واستهدف ابنه بشكل مباشر أثناء ذهابه لصلاة العشاء.
معاناة حربي لم تكن الأولى، بل اعتُقل عدة مرات كما يقول والده، وهو طفل مريض بالسكري قاوم حتى النفس الأخير سلسلة الاعتقالات المتتالية التي بدأ يعيشها وهو ابن خمسة عشر.
أُبعد حربي عن سلوان قبل أربعة أعوام ومنع من الخروج من المنزل، عاش حياة المواجهات بشكل يومي، وحينما كان يُعتقل لم يكن الاحتلال يراعي حالته الصحية وقد اعتقل ست مرات سابقة، وفي كل مرة يعود كان يعاني تبعات الاعتقال.
تعرض حربي للإهمال الطبي، ولا زالت هناك جلسة لمحاكمته في التاسع عشر من هذا الشهر!
حي سلوان التاريخي يقع جنوب المسجد الأقصى ملاصقاً لأسوار المسجد، وترجع بداية معاناته إلى محاولات الاحتلال الاستيلاء على الحي ليصبح المدخل الجنوبي للهيكل المزعوم الخاص بهم أسفل المسجد الأقصى.
صودر مصدر رزق عائلة الرجبي، وهدم منزلهم قبل عام، وضاع عمر طفل بين الاعتقال والرصاص، ولا زالت قضية العائلة في المحاكم (الإسرائيلية)، وحربي يرقد الآن على الفراش بين الحياة والموت، هكذا يمكن أن يكبر طفل من عائلة الرجبي قرر البقاء في سلوان.