سباق بين السلطة وإسرائيل على المنطقة (ج)

الرسالة نت - وكالات

 

سارعت "إسرائيل" إلى وضع عقبات سياسية وإجرائية أمام أي مشاريع جديدة للسلطة الفلسطينية في "المنطقة ج" التي تشمل أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية، وتقع فيها جميع المستوطنات والكتل الاستيطانية.

 

واعتبر قادة سياسيون وخبراء في مراكز أبحاث إسرائيلية أن أي إجراءات تتخذها السلطة في هذه المنطقة تعتبر "انتهاكاً للاتفاقات".

 

 وكانت الحكومة الإسرائيلية قدمت رسائل رسمية إلى الإدارة الأميركية الراعية لعملية السلام، تشكو فيها من قيام السلطة بـ "خرق الاتفاقات" عبر القيام بإجراءات "أحادية الجانب" في هذه المنطقة.

 

ونص اتفاق أوسلو في عام 1993 على تقسيم الضفة وقطاع غزة، وفق الصلاحيات الإدارية والأمنية، إلى ثلاث مناطق، الأولى هي "المنطقة أ" التي تخضع لإدارة السلطة الفلسطينية أمنياً وسياسياً، والثانية هي "المنطقة ب" التي تخضع إدارياً للسلطة وأمنياً لإسرائيل. والثالثة هي "المنطقة ج" التي تخضع لإسرائيل أمنياً وإدارياً.

 

وبررت "إسرائيل" إصرارها على هذا التقسيم بالطبيعة الانتقالية للاتفاق الذي سيعقبه اتفاق نهائي يحل مسألة المستوطنات ومعسكرات الجيش المقامة في هذه المنطقة الواسعة التي تشكل 60 في المئة من مساحة الضفة.

 

وتشمل "المنطقة ج" عدداً من أبرز المناطق، خصوصاً الأغوار ومحيط القدس المحتلة وامتدادها نحو البحر الميت، كما تضم وسط الضفة حيث تقع كتلة "ارئيل" الاستيطانية التي تتشكل من 22 مستوطنة.

 

 ويعتبر الفلسطينيون هذه الكتلة التي تصل حتى مشارف نابلس والأغوار إحدى عقبات التواصل الجغرافي بين أراضي الضفة (شمالها ووسطها)، مثلها في ذلك مثل كتلة "معاليه أدوميم" شرق القدس التي تفصل وسط الضفة عن جنوبها.

 

وأعلنت سلطة رام الله في خطتها لإقامة مؤسسات للدولة المستقلة خلال عامين، سلسلة مشاريع بنية تحتية في "المنطقة ج"، وشرعت في حشد دعم سياسي ومالي دولي لتنفيذها، نظراً إلى حاجة أي مشروع في هذه المنطقة إلى مصادقة إسرائيل.

 

وبدأت السلطة تنفيذ سلسلة مشاريع حيوية في "المنطقة ج" من دون موافقة إسرائيل، وفق ما ينص عليه الاتفاق. ومن هذه المشاريع طرق ومدارس وشبكات مياه وخيام على شكل بيوت متنقلة وغيرها.

 

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن عقب توليه منصبه مطلع هذا العام أنه يؤيد إقامة دولة فلسطينية "منزوعة السلاح" في الضفة وغزة. لكنه استثنى من مساحة هذه الدولة القدس والكتل الاستيطانية والمناطق الواقعة خلف الجدار.

 

وتغلق إسرائيل مناطق واسعة من الأراضي المصنفة ضمن "المنطقة ج"، وتفرض قيوداً على حركة المواطنين فيها وعلى الوصول إليها، مثل منطقة الأغوار التي تشكل 26 في المئة من مساحة الضفة.

 

 

ويواجه الفلسطينيون في مثل هذه الفترة من كل عام تحدياً آخر في "المنطقة ج" يتمثل في اعتداءات منظمة للمستوطنين على حقول الزيتون التي تحتل مساحة واسعة منها. وتعرض عدد من حقول الزيتون الأسبوع الماضي لهجمات من المستوطنين الذين أقدموا على قطع مئات الأشجار، خصوصاً في قرى نابلس ورام الله.

 

وحددت لجان مقاومة الاستيطان والجدار أكثر من مئة "موقع ساخن" تتعرض لاعتداءات المستوطنين في الضفة.

 

ومنعت السلطات الإسرائيلية المتضامين الأجانب من الوصول إلى هذه المناطق، وحذرت المزارعين من أنها ستفرض غرامات مالية على كل من يستقبل منهم متضامناً أجنبياً.

 

ويشكل الجدار العازل مشكلة أخرى للحياة الاقتصادية والاجتماعية في "المنطقة ج"، إذ يعزل عشرة في المئة من أراضي الضفة، تشكل خيرة الأراضي الزراعية فيها. وتضع السلطات الإسرائيلية قيوداً شديدة على دخول المواطنين إلى هذه الاراضي الواقعة خلف الجدار.

 

وأعلنت منظمة "حاخامون من أجل حقوق الانسان" الإسرائيلية أن 70 في المئة من حقول الزيتون الفلسطينية الواقعة في مناطق محاذية للجدار والمستوطنات، تعرضت العام الماضي، إما للحرق أو القطع أو تعرض أصحابها للطرد.

 

وأمام تعثر المفاوضات السياسية بين الجانبين، تشير التوقعات إلى أن المرحلة المقبلة ستتسم بفرض إجراءات الأمر الواقع في هذه المنطقة، خصوصاً مع تكثيف إسرائيل توسعها الاستيطاني في مدينة القدس وفي الكتل الاستيطانية المحيطة بها، والواقعة خلف الجدار، أما السلطة الفلسطينية، فتتجه إلى حشد دعم دولي لإقامة مشاريع بنية تحتية في المنطقة تشكل أساساً صالحاً لإعلان إقامة دولة مستقلة متصلة ومقبولة دولياً في حال عدم التوصل إلى حل سياسي.

 

البث المباشر