نجحت المقاومة الشعبية في تحقيق اختراقات مهمة في مواجهة الاستيطان (الإسرائيلي) بالضفة، وظهر ذلك النجاح واضحاً لانشغال السلطة وقياداتها في قمع الحراك المحتج على اغتيال المعارض نزار بنات، ما سمح بتوسع فعاليات المقاومة لتصل عدة مدن متيمنة بـ"ـبيتا".
ما سبق ليس تجنيًا على السلطة، فالواقع يؤكد ما سبق، إذ إن فتح التي انتهجت المقاومة الشعبية بديلاً عن الكفاح المسلح أو أنها ادعت ذلك، حالت دون وصول أي ثائر لنقاط التماس مع الاحتلال، بحجة الحرص على حياة المواطنين.
وبالعودة إلى انتفاضة أهل قرية بيتا في نابلس، والبلدات الفلسطينية الأخرى المهددة بتغول الاستيطان، فإنها نجحت في تحقيق الاختراق باعتمادها على سواعد أبنائها وصمودهم في وجه الاحتلال، وهذا ما تعيه (إسرائيل) جيدًا، وهو ما يصعّب مهمّتها لمواجهة المنتفضين.
ورغم فاعلية هذه الحالة من المقاومة الشعبية، حيث انتقلت شرارتها إلى مناطق أخرى، مثل بيت دجن وقصرة في شمال الضفة، ومسافر يطا جنوب الضفة الغربية، ولاقت ترحيبا وطنيًا جامعًا، إلا أن فتح لم تسعَ لدعمها بالشكل المطلوب، من خلال توجيه قواعدها نحو دعم الصامدين على الجبل، بل دعتهم لمواجهة المتظاهرين في دوار المنارة وجنين والخليل.
ومما لا شك فيه، أن ثورة الفلسطينيين في جبل صبيح، تأثرت بمعركة سيف القدس، الذي أظهرت هشاشة هذا الاحتلال، وضعفه أمام ثبات وصمود صاحب الحق، وكذا الحال حينما استوحت وسائل المواجهة من مسيرات العودة في غزة، كالإرباك الليلي وأدواته الخشنة التي أرعبت المستوطنين، ودفعتهم للتراجع، وبالتالي فإن غزة كانت الملهمة بكفاحها المسلح ومقاومتها الشعبية، بينما غابت فتح عن كليهما.
وفي التعقيب على ذلك قال السفير السابق محمود العجرمي، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق، إنه لا يعتقد على الإطلاق أن السلطة تؤمن بالمقاومة بكل أشكالها بما فيها الشعبية، وهذا ما تؤكده ممارسات حركة فتح وسلطتها في الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف العجرمي في اتصال هاتفي مع "الرسالة": "السلطة ترى في كل أنواع مقاومة الاحتلال إرهابًا يستوجب العقاب، وملاحقة أهل المقاومة مهما كانت مرجعيتهم السياسية، حتى لو قاوموا بالكلمة، وهذا أصل عمل السلطة من خلال التنسيق الأمني.
وأشار إلى أنه في حال كانت السلطة تلاحق النشطاء والكتّاب، فكيف الحال مع المتظاهرين والثائرين؟ هذا يقودنا إلى أن ما يجري في الضفة من مقاومة له علاقة بدور الفصائل الوطنية والمقاومة، وليس بالسلطة التي تقود فتح حاليًا، والتي أضحت جزءاً من معادلة الاحتلال، وتؤدي دورًا وظيفيًا.
ومن جهة أخرى، تتصاعد المقاومة الشعبية في الضفة من مبدأ قناعة شعبنا وتأثرًا بإنجازات المقاومة على مدار السنوات الماضية والدروس المستفادة في قطاع غزة، وتيمنا بما جرى مؤخرًا في القدس القديمة، وسلوان والشيخ جراح وجبل الطور والمكبر والمسجد الأقصى.
وأكد العجرمي أن فتح عباس باتت الآن تبحث عن نفسها في مواجهة نهج المقاومة الذي يترسخ وسط الجماهير بهذه المظاهرات، حيث تحوّلت فتح على المستوى السياسي بخلفية أوسلو ظهيرًا للاحتلال وطابورًا خامسًا، وكذلك تحولت إلى قبيلة تدافع عن مصالح المنخرطين في التعاون مع الاحتلال.