قائد الطوفان قائد الطوفان

إياد حريبات.. العالِم الذي حوله الاعتقال إلى جسد صامت

ارشيفية
ارشيفية

رشا فرحات-الرسالة نت

حينما دخل المعتقل لقبه زملاؤه الأسرى بالعالِم، لما كان يتمتع به من ذكاء بالغ، حيث استطاع الحصول على بكالوريوس القانون الدولي من الجامعة العبرية بتفوق، وأتقن ثلاث لغات خلال أسره، بعد أن قطع الاعتقال حلمه في إكمال تخصص الهندسة من جامعة النجاح حينما اعتقله عام 2002.

تردد أم إياد حريبات من بين دموعها وهي تقف في اعتصامات الأسرى الأسبوعية: "أنا بدي أعيش عيد واحد مع إياد، بدي كل العالم يروحلي ابني عايش ما بدي إياه يروحلي ميت".

يرقد على سرير ما تسمى مستشفى سوروكا، بذاكرة تائهة، وجسم هزيل، دون أن يراه أحد، ودون كاميرات ولا صور، بمؤبد وعشرين عاما أخرى ومحاولات عديدة من قوات الاحتلال لاغتياله في الاعتقال، ثلاث محاولات فاشلة، بأدوية وحقن مجهولة، يتخللها إهمال طبي متعمد ليبقى الجسد مسجى والذاكرة في ضلال.

يعرف الاحتلال أن جسد الأسير هو سلاحه الذي يقاوم من خلاله سنوات الاعتقال، لذلك يخوض حربه مع أجساد الأسرى فيهمل علاجهم ويتوغل في أجسادهم بأدويته المجهولة حتى يخرج جسداً دون روح أو يكمل ما تبقى من سنوات اعتقاله في قبر مجهول.

لم يكن جسد إياد منقوص الصحة حينما اعتُقل، وتفاجأت أمه خلال زيارته في عام 2014 بخروج ابنها للقائها على كرسي متحرك، يدفعه أسير آخر، ولتكتمل الصدمة حيث نظر في وجه أمه وسألها: "من أنت؟"

تجرعت والدة الأسير البالغ من العمر 39 عاما صدمتها وحدقت في وجه ابنها المعتقل منذ 2002 لا تدري ما الذي حدث، حينما أخبرها الأسرى أنه اعتُقل وعزل لستة أشهر خرج منها على كرسي متحرك، لتكتشف العائلة أن ابنها حقن بحقنة مجهولة أدت إلى تدهور حالته الصحية وفقدان ذاكرته.

يقول والده واصفاً ما حدث لابنه: "اعتُقل ابني وكان صاحب عقل راجح وصحة قوية، وتعرض لمرض عابر أهمل علاجه، و تطور الأمر حينما أخذ لاحقاً لعيادة السجن، وفي تلك العيادة حدث لابني ما لا نعرفه، وأعيد من عيادة السجن إلى زنزانته وهو ينزف دما ولم يتبق في جسده أي سوائل، نزف لأكثر من ستة عشر ساعة متواصلة.

تضامن الأسرى مع زميلهم، وطرقوا الأبواب، ونادوا بأعلى صوتهم لإنقاذ الأسير الذي شارف على الموت، وبدلاً من تحويله للعلاج، ماطل السجان أكثر وعزل حريبات مرة أخرى، وقمع زملاءه الأسرى، فتدهورت حالته وذاكرته ونقل مجدداً إلى مستشفى سوروكا.

أُعلن خبر استشهاد إياد في البداية بعدما ظن الأسرى أنه مات، ولكنه لم يستشهد، يرقد الآن في المستشفى مخدراً تخديراً كاملاً، وفي غيبوبة كاملة، ونصف جسده الأسفل مهتك بسبب العمليات الكثيرة والمجهولة، لا يتكلم ولا ينظر ومُنعت عائلته من زيارته.

دخل إياد حريبات المعتقل بوزن وصل الى مائة كيلو جرام، والآن بعد عمليات كثيرة وحقن مجهولة تحول إلى كومة عظام لا يتعدى وزنها الثلاثين كيلو.

إياد حريبات من بلدة دورا قضاء الخليل، واعتقل في أيلول 2002 ولم يكن يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، وحكم عليه وهو في الواحد والعشرين بعد عامين من الاحتجاز والعزل والقمع والإهانة، والمنع من زيارة عائلته، وهو واحد من خمسمائة أسير مرضى يتعرضون كل يوم لإهمال طبي متعمد.

البث المباشر