قائد الطوفان قائد الطوفان

الأسيرة حمامرة:"ميسم في أحضاني حقيقة وليست خيالاً"

الأسيرة حلوة حمارنة
الأسيرة حلوة حمارنة

الرسالة نت- رشا فرحات

لم تكن تجربة الأسر وحدها ما تعرضت له الأسيرة حلوة حمارنة، وإنما تجارب عديدة عاشتها في ظلام الأسر، تجربة المرض، والموت، واللوعة على فراق طفلتها.

اعتُقلت الأسيرة حمامرة في عام 2015 ، بعد إطلاق النار عليها من مسافة قريبة قرب مستوطنة "بيتار عليت" المقامة على أراضي المواطنين غربي بيت لحم بعد ادعاء محاولتها تنفيذ عملية طعن، تاركة وراءها طفلتها الرضيعة وحيدة.

نُقلت حمامرة جريحة إلى المستشفى، مكبلة ومحبوسة في سجن العناية المركزة لسوء حالتها. ورغم إصابتها الخطيرة ظلت مكبلة إلى السرير في مستشفى هداسا بعين كارم لفترة ليست بالقليلة استؤصل فيها جزء من البنكرياس والكبد والطحال وجزء من الأمعاء.

تعرضت حمامرة لأقسى أساليب التحقيق، وحكم عليها بالسجن ثماني سنوات انتهت قبل أيام حيث أٌفرج عنها يوم الخميس الماضي.

لم تكن قصة الإهمال الطبي التي تعرضت له حمامرة هي القصة الأكثر وجعًا، والجسد المفتوح النازف الذي لم يشفع لها فتعرضت للاحتجاز والاعتقال والتحقيق معها بأساليب الاحتلال العنجهية،

بل كان الأصعب هو تركها لطفلة رضيعة لم تكمل العام، خرجت اليوم لتجد طفلتها ميسم وقد أصبحت ابنة ثماني سنوات.

احتضنت حلوة حمامرة ميسم للمرة الأولى احتضان الطفلة التي تعرف الآن ما حدث لأمها وقد تركتها رضيعة.

لم يكن الاحتضان ولا اللقاء طبيعيين، حيث لم ترى حمامرة طفلتها منذ سنتين. فالاحتلال يمنع الطفل من زيارة الأسرى حينما يبلغ السابعة، وحتى في السنوات السابقة منعت بسبب كورونا كغيرها من أبناء الأسرى، وها هي تحتضنها احتضانًا حقيقيًا للمرة الأولى، وتنام إلى جانبها اليوم: "شعرت أن هناك حاجزاً، وعليّ الآن أن أكسره".

ميسم قالت بفطرة الطفلة المحرومة من أمها: "ماما أخيراً رجعتيلي" وهي تتذكر كيف كان الاحتلال يعطيها زيارة لعشر دقائق لا تشفي من حرمان وعطش وأشواق الطفل لأمه، وكيف كانت تبكي حينما ينتزعها السجان من أحضان والدتها.

لقد كان الاحتضان حقيقيًا هذه المرة، لا يشبه ذلك الاحتضان الذي كانت حمامرة تواسي نفسها به داخل الزنزانة: "كنت أحتضن المخدة، وأغني لها حتى تنام، وأتشوق لرؤية ميسم وأتخيلها في حضني، الآن ميسم في حضني، وسنعوّض ما فاتنا من سنوات، إنها حقيقة اليوم وليست خيالاً".

لم تنسَ الأسيرة حمامرة شعور الأسيرات اللواتي تركتهن خلفها فقد كن يرسلن الأحضان عبرها إلى أمهاتهن ولم يستطعن الاحتفال بالإفراج عنها تضامناً مع أحزان الأسيرة خالدة جرار.

هناك في سجون الاحتلال إحدى عشرة أمًا فلسطينية، دون لأطفالهن، يقفن في كل مناسبة وكل عيد خلف أبواب الزنزانة، يتخيلن أنفسهن وهن يحملن أحلام أبنائهن فوق أكتافهن، وقد كبروا بعيداً دون أن يشاركوا أمهاتهم تلك الأحلام، وذلك ما قالت عنه حمامرة في لقائها.

"كنا نحاول أن نخفف عن بعضنا، كل أسيرة تحصل مناسبة اجتماعية في عائلتها أو نجاح مع أطفالها نخلق لها جواً من الفرح، قبل الزيارات كان أكثر تفكير يرهقنا هو ماذا سنقول لأهلنا وأطفالنا، وكيف نقول لأطفالنا بعد الزيارة وداعًا من جديد".

اليوم تحتضن حلوة حمامرة ميسم احتضانا أخيرًا باقيًا للأبد، بدون لوعة جديدة ولا حواجز يفرضها السجان، وتتوق أن تعوضها ليالي الحرمان الطويلة التي عاشتها كل منهما وحدها دون الأخرى.

البث المباشر