عقب عودتهم الى القطاع

سفراؤها في مكة: غزة مفخرة الحجيج

المحافظة الوسطى-محمد بلّور

قصص حجاج غزة مع حجاج المسلمين في مكة والمدينة, هل هي غريبة ؟ أم تعكس حب المسلمين لفلسطين؟ يبدو هذا القطاع الصغير الذي يضجر الكثيرون من ظروفه المعيشية ومعاناته عظيما في عيون حجاج المسلمين عربا وعجما.

وحين يعلم الحجيج الجهة التي قدم منها حجاج غزة، تتساقط الدموع ساخنة وتسارع الشفاه تلثم أيادي حجاج الأرض المباركة.

شعار فلسطين

بين شغاف قلب الأسير المحرر عطا أبو خبيزة حلاوة طازجة تذوقها في بيت الله الحرام وظلت تصاحبه إلى الآن .

لم يتوقع أبو خبيزة أن تتاح له فرصة الحج بعد 5 شهور فقط من تحريره فإذا به سفيرا عن مئات الأسرى القابعين خلف القضبان والعشرات من أصدقائه في الأسر .

وأكد أن حجاج المسلمين من العرب والعجم كانوا يلحقوا بفوج حجاج غزة عندما يقرؤون شعار البعثة المرفوع والذي يحمل صورة الأقصى ووزارة الأسرى وقطاع غزة.

وأضاف:"كنا ونحن نطوف ونسعى نلاحظ أن الناس حينما يشاهدوا الشعار المرفوع يلحقون بنا ويسألوننا عن فلسطين ويقولون لنا هل أنتم من غزة ؟ فإذا عرفونا من غزة بكوا وقد حدث ذلك مع كثير من الحجاج المغاربة" .

وعلقت أفواج الحجيج بحجاج غزة تسألهم عن الحياة في غزة وكيف يتدبر الناس أمرهم فيها بل إن أحد الشبان المغاربة عندما قابل الحاج أبو خبيزة وعلم أنه من غزة خرّ على ركبتيه ولم يستطع الوقوف وهو يبكي ويدعو لغزة بالنصر والصمود .

وفي المدينة المنورة لم ينقطع رنين هاتف أبو خبيزة المحمول وقد جاءت الأصوات من خلف القضبان مع أسرى يوصونه بالدعاء لهم .

وأضاف:"كانوا كل يوم يتصلون بي وبعضهم أوصاني أن أدعو له عند قبر الرسول صلي الله عليه وسلم وآخر في مسجده وثالث بجوار الكعبة وآخرون وأنا في المدينة وعند بئر زمزم وفي مسجد الرسول وبعضهم خلال السفر" .

ورافق المحرر عطا الكثير من الأسرى المحررين حيث التقوا بكثير من المحررين من الضفة وعرب 48 وأمضوا وقتا طويلا معا.

وسكن عطا في فندق واحد برفقة إخوانه المحررين وقد لاحظ حجاج المسلمين حالة السعادة والألفة واضحة على رفقاء السجن الواحد فكانوا يعجبون من أمرهم وهم مجتمعون ويدعون لهم .

وكأسير محرر ومقاوم عتيق دعته سجيته في المدينة لشراء (قنّاص وكاشف ضوئي"مصباح ضوئي" ) من أحد الباعة المغربيين وعندما سأله البائع عن حاجته لهما أخبره أنه من غزة وأنه محرر فقال له البائع لو كنت عندنا في المغرب لجلبت لك واحدا ممتاز .

وسأله البائع عن شعوره في رحلة الحج فأخبره أبو خبيزة أنه وزميله المحرر عبد الناصر أمضيا 17 سنة في الأسر وأنهما خرجا يشعرا أنهما ولدا من جديد ! فكيف بهما بعد أن يحجا ؟! فضحك الجميع .

يتمسّحون بهم

لازال صوت الشيخ الحاج عبد القادر الشطلي مجهدا فوق العادة فرغم المشقة التي يتجشمها الحاج إلا أن سعادته بأداء فريضة الحج وزيارته للبيت الحرام تتفوق على آلامه-كما قال .

وأكد الشطلي انه قابل عددا كبيرا من حجاج المسلمين وأن مجرد معرفتهم بجنسية حجاج غزة يدفعهم للتقرب منهم بل والتبرّك بهم .

وأضاف: "قابلنا أناسا كبارا في السن لما علموا أنا من غزة كانوا يتمسّحون بنا ويقولون أنتم رفعتم رؤوسنا فعلمنا أن مكانة غزة وحجاجها كبيرة جدا في قلوبهم" .

ولا زال يذكر ذلك اللقاء المؤثر مع أحد الحجاج المصريين حين أضاف:"التقينا بأحد الحجاج وعرفناه بأنفسنا وعندما سألته من أين أنت؟ قال أخشى أن تغضبوا مني ! أنا مصري , وكأنه خجول من موقف مصر تجاه معاناة غزة !" .

والتقى بحجاج الضفة حيث كانت الأجواء إيمانية وحميمية طاف خلالها على حجاج الضفة الذين كانوا هم الآخرين يبدون حرصهم ويدعون بتوحيد الضفة وغزة .

وأشار أن معظم حجاج المسلمين يعرفون الكثير من حصار غزة ومعاناتها وأنهم دائمو الدعوة لنا برفع الحصار وتحقيق النصر على اليهود .

ورأت عينا الشطلي أجناسا مختلفة "مصريون-سوريون-ماليزيون-سودانيون وغيرهم" كلهم يشيدون بصمود غزة ويرون أنها رأس الحربة للأمة الإسلامية وأن ما يلاقيه أهل غزة على يد الصهاينة لهو مفخرة لهم" .

وأوضح أن أكثر ما لفت انتباهه هو حالة الاعتزاز الدائمة بأهل غزة ومكانتها في قلوب الحجاج حتى أن كثير منهم يتمسّحون بأجساد حجاج غزة ويقبلونهم ويعانقونهم.

وأبدى إعجابه بالترتيبات والجهود التي تبذلها العربية السعودية لخدمة حجاج المسلمين ممتدحا حالة الاستعداد والعمل المتواصل حكومة وشعبا لخدمة الحجاج ليل نهار .

غزة مفخرة الحجاج

ويصف الشيخ يوسف فرحات غزة وأهلها في عيون حجاج المسلمين بأنها "مفخرة" يجددون دائما حبهم لها وإعجابهم بصمودها المتواصل.

وأضاف: "كلما التقينا وفدا من الحجاج أو مسلما من أي قطر وعلم أننا من غزة همّ بتقبيل أيدينا وأقدامنا فشعرنا كم هي مكانة غزة عند العالم" .

وأطلق رسالة لمن وصفهم بضعاف النفوس من سكان غزة وفلسطين الراغبين في هجرتها المحبطون منها أنهم أناس منهزمون لم يكتشفوا مكانة غزة .

وألمح أن كافة الحجاج يعرفون الكثير عن غزة وأحوالها مضيفا:"كلهم يعرفون من هي غزة وبمجرد معرفتهم لجنسيتنا كانوا يتحدثون عن صمودها وما وقع من عدوان عليها " .

وأشار أن وزير الأوقاف أجرى كثيرا من اللقاءات بين بعثته وكثير من الجاليات الإسلامية والعربية في مكة والمدينة وأنه رغم انشغاله بمهمته في الوعظ والإرشاد إلا أنه تذوق حلاوة السمعة الطيبة التي تحظى بها غزة .

وشاهد فرحات الدموع تذرف وتسقط ساخنة في شوارع مكة ومنى والمسجد الحرام من مسلمين كثيرين جمعته معهم لقاءات عابرة وألجمهم تأثرهم بفلسطين وغزة عن الحديث فذرفوا دموعهم كاشفين عن موقفهم من غزة وحبهم لها .

ووصف موسم الحج لهذا العام بأنه موسم موفق وميسّر خلافا عن المواسم الماضية وأن أكثر ما أعجبه في الحج هو قرب سكان الحجاج من الحرم المكي والمدني وهو ما أرخى حالة من الارتياح على قلوبهم.

 

البث المباشر