البركان الثائر كما يصفها الاحتلال منذ أشهر، لا تهدأ مدينة جنين شمالي الضفة الغربية في مواجهة الاحتلال، لتتقدم الصف متجاوزةً قيود السلطة التي كبلت المقاومة المسلحة منذ سنوات طويلة، وتعود جنين كما كانت في بدايات انتفاضة الأقصى.
فجر اليوم استشهد أربعة من مقاومي جنين، بعد تصديهم لقوة (إسرائيلية) خاصة، جاءت إلى قلب المدينة الثائرة، على أعين أجهزة أمن السلطة المتواطئة، لتعتقل أحد المطلوبين لديها، فكانوا بالمرصاد لها حيث وقع اشتباك مسلح من مسافة صفر.
جنين بأكملها أفاقت على تبادل إطلاق النار، فهم يعرفون أن رصاص الليل في المدينة لا يكون سوى ضد الاحتلال، أما النهار ورصاصه فللسلطة وزعرانها في الحفلات والمهرجانات، ليبدأ صباحهم على رائحة الشهداء، في مستشفى المدينة.
الاحتلال يعرف جنين من زمن، فهي حضن المقاومة المعروف بجنين القسام، لذا عقّب على ما جرى فجر اليوم بالقول: "في جنين لم يعد هناك "اعتقال ينجح" لأن كل اعتقال هناك ينتهي دائمًا بتبادل إطلاق النار، نسبياً ومقارنة بالمدن الأخرى في الضفة الغربية، الأجهزة والقبضة الأمنية للسلطة الفلسطينية ضعيفة هناك، وأيضاً أمام حركة حماس".
وأضاف يوسي يهوشوع من يديعوت أحرنوت: "انتهى الاعتقال هذه المرة بتبادل إطلاق نار، علم الشخص الذي وافق على العملية أن هذا كان أحد الاحتمالات، السؤال هو ما إذا كان الهدف يستحق ذلك؟؟".
أما بن كسبيت الكاتب السياسي في معاريف قال: "إذا تحدثت إلى المختصين المسؤولين عن جنين في المخابرات الإسرائيلية، في الفرقة، بين الوحدات العاملة هناك، ستجد أن جنين بعيدة عن الهدوء، بل على العكس من ذلك، فهي تزداد هياجًا، وأكثر تطرفًا، وتذكرنا أكثر فأكثر بجنين، مدينة المتفجرين، إنه أمر محزن ومقلق، لكن هذا هو الوضع، والسلطة تفقد السيطرة هناك".
وعلى مدار الأسابيع الماضية، شهدت مدينة جنين عشرات عمليات إطلاق النار اتجاه قوات الاحتلال التي لا تفتأ تقتحم المدينة والمخيم بحثا عن مطلوبين لديها، إلا أن المهمة لا تكون سهلة كون المدينة تشكل هاجس رعب للاحتلال، فهي ليست كمثيلاتها، يخبرنا التاريخ بذلك.
وفي التعقيب على ذلك، يقول الدكتور أحمد رفيق عوض المختص في الشؤون الإسرائيلية، إن خصوصية جنين في مواجهة الاحتلال تأتي من كونها جيباً من جيوب المقاومة المتعددة في الضفة الغربية المحتلة وعادةً كل ما يدخل الاحتلال يتم التصدي إليه بطريقة مسلحة وليست سلمية كما بقية المدن، وهذا ليس الاشتباك الأول ولن يكون الأخير بالتأكيد هناك من يواجه الاحتلال من مسافة صفر.
وأضاف الدكتور عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة": السبب في تميز جنين بمواجهة الاحتلال أن الأخير يعد العدة لمثل هذا الاشتباك ويدخل بصورة تدفع المقاومين للتصدي له، ويشجعهم على ذلك في كل مرة.
وأشار إلى أن ما يجري في جنين دليل على أن الشعب الفلسطيني يقاوم لطالما هناك احتلال، وفي جنين مقاومة مسلحة إلى حد كبير، موضحاً أن من أسباب نجاح المقاومة المسلحة فيها البيئة الجغرافية المساعدة للمقاومين، وكذلك السلطة غير المعنية بالاصطدام مع المقاومين على الإطلاق، خصوصاً أن المقاومة المسلحة في جنين متعددة الانتماءات والفصائل، فهناك نوع من الوحدة الميدانية الحقيقية في جنين.