تسعى سلطة حركة فتح بالشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي لإخماد روح المقاومة في الضفة الغربية منذ زمن، إلا أنها لا تزال تفشل في تحقيق مرادها، كما أن الخطة الأمريكية الجديدة انقلبت على أصحابها والتي جاء بها مدير الاستخبارات الأمريكية مؤخراً.
وباتت جنين محور المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وأهل بيتا ثوار المقاومة السلمية على جبل صبيح، مصدرين للقلق لدى صناع القرار في سلطة حركة فتح والاحتلال الإسرائيلي، والإدارة الأمنية الأمريكية من فوقهما، لما تمثله من خيبة أمل بعد محاولات ترويض الضفة وإبعاد أهلها عن القضية المحورية.
ويبدو واضحًا أن عمليات القتل والاعتقال وهدم المنازل، لم تجد نفعًا في الجيل الفلسطيني الجديد، فبعد ساعات قليلة من قتل الاحتلال لأربعة مقاومين في مدينة جنين، انطلق مقاوم من المدينة ذاتها مرتديًا زي جيش الاحتلال نحو مستوطنة "عيلي" على بعد 80 كم من مدينته، في محاولة لتنفيذ عملية إطلاق نار وطعن.
ومن المفارقات أن الشاب الذي حاول تنفيذ العملية هو أسير سابق اعتُقل عام 2019 بتهمة إلقاء عبوة ناسفة اتجاه حاجز عسكري في محيط مدينة جنين، وفي ذلك تأكيد على أن ثوار الضفة لا ترهبهم اعتقالات أو هدم منازل أو حتى الاستشهاد.
ومن المؤكد أن ما جرى في جنين من أحداث خلال الفترة الأخيرة، أربك المشهد السياسي لدى السلطة في الضفة، فهي كانت تسير في اتجاه تنفيذ الخطة الأمريكية الجديدة، إلا أن مشهد التصدي لقوات الاحتلال في جنين، كان مخالفًا لكل التوقعات.
وبناءً عليه، يظهر أن مقاومة الاحتلال بكل الأشكال، تمثل الطريق الوحيدة والأقصر لإفشال المحاولات الأمريكية لتنفيذ خططها الجديدة، والتي عنوانها شرعنة الاستيطان مقابل تسهيلات مالية للسلطة، وتعزيز التنسيق الأمني بما يعود بالفائدة على قيادات السلطة شخصيا.
وفي التعقيب على ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إنه باستشهاد المقاومين الأربعة في جنين وتصديهم للاحتلال يؤكدون للقاصي والداني أن الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان هو عبر المقاومة المسلحة، وأن بقية الطرق والأساليب هي طرق مساعدة كالمقاومة الشعبية التي تشكل تمهيدا للمقاومة المسلحة.
وأضاف الصواف في مقال له حول الأحداث الأخيرة: "ما يجري في جنين وجبل صبيح، وإطلاق النار تجاه الاحتلال ونقاطه العسكرية، يأتي إيمانا بأن المقاومة هي الطريق الأمثل، وزاد الوعي بأن الحلول السياسية الخادعة ما هي إلا للاستهلاك الوقتي حتى يتمكن الاحتلال بتواطؤ مع أمن السلطة لبسط سيطرته على غالبية الضفة وتحويلها إلى كانتونات منعزلة وتجريدها من عناصر قوتها ومواجهتها لهذه السياسة الاحتلالية".
وأشار إلى أن البعض يظن واهماً أن أجهزة أمن رام الله ضعفت أو غضت الطرف عن المقاومة الآخةه في الاتساع، والحقيقة أن عقيدة هذه الأجهزة التي تربت عليها والدور الذي تقوم به لم يطرأ عليه أي تعديل.
ويرى الصواف أن زيارة مدير المخابرات الأمريكية ولقاء عباس وفرج والشيخ للتأكيد على هذا الدور والدفع به لزيادة التعاون مع الاحتلال.
وبيّن أن الوعي والمعرفة بدور السلطة وأجهزتها الأمنية هو الذي خلق إرادة التحدي والتصدي للاحتلال وأخذ الشباب بالعمل بشكل مخطط وسري، بعيداً عن الاجهزة الفلسطينية واعتبارها لا تختلف عن الاحتلال في الملاحقة والمطاردة للمقاومين.
وأكد أن المقاومة ستشتد بأفرادها وخلاياها وستحقق نتائج على الأرض كما يجب دون خوف من أجهزة متعاونة مع الاحتلال.
وفي نهاية المطاف، ستبقى الضفة بركاناً ثائراً لا يهدأ رغم كل محاولات الاحتلال والسلطة لإخماده، وإنهائه، في ظل ظهور جيل جديد، رأى خيانة السلطة للقضية الفلسطينية، وإجرام الاحتلال بحق أبناء شعبه، فما عاد يحتاج لمن يمنحه التوعية بما يجري حوله، في ظل معايشته لكل ما سبق.