قائد الطوفان قائد الطوفان

الاحتلال يواجه "الغليان الميداني" بتسهيلات اقتصادية

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت- شيماء مرزوق

"الاعتقال لم يعد سهلا"، فالتحركات في محيط منطقة جنين باتت تعيد الاحتلال لعشرين عاماً إلى الوراء، حينما كانت جنين معقل الثوار والمقاومين.

ومن الواضح أن هناك محاولات واضحة لاستعادة جنين لدورها المقاوم، وهو تطور لا يمكن عزله عن سياق الأحداث التي شهدتها الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة خلال معركة سيف القدس، فقد قدمت هذه المعركة أداءً عسكريًا مبهرًا وجسّدت انتصارًا للوطنية الفلسطينية ووحدة الشعب والأرض والقضية.

صحيح أن ساحة الفعل الأهم خلال المعركة الأخيرة كانت في قطاع غزة، لكن الساحة الأكثر تأثراً بارتدادات المعركة هي الضفة، ولا يمكن عزل عمليات المقاومة والتصدي للاحتلال عن سيف القدس، من حيث المقاومة الشعبية التي تشهدها بلدة بيتا، والاشتباكات شبه اليومية التي تجري في جنين فهي أحد أهم مظاهر هذه الارتدادات.

وهذا ليس شيئا جديداً حيث أن كل عدوان يجري ضد قطاع غزة يؤثر بشكل مباشر على الضفة الغربية، وهنا يجب الإشارة إلى أن انتفاضة السكاكين التي فجرها شبان وأطفال فلسطينيون في الضفة، جاءت بعد عام على عدوان 2014 الذي جرى في غزة، وكانت نتيجة طبيعية لمشاهد العدوان وتأثيره الهائل في تحريك فئة من المقاومين الجدد بأسلوب مختلف.

فبعد يوم واحد من استشهاد أربعة فلسطينيين في جنين، خلال محاولة جيش الاحتلال اقتحام البلدة واعتقال أحد المقاومين فيها، يتبعها اليوم إطلاق نار وإلقاء زجاجات حارقة باتجاه قوات الاحتلال في قرية طوباس بالقرب من نابلس.

هذه المعادلة يدركها الاحتلال الإسرائيلي جيداً، وهي مصدر قلق كبير بالنسبة له، ويعمل على تهدئة الساحة الفلسطينية، خاصة في الضفة التي تعتبر ساحة مريحة أكثر من غزة.

رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي طلب قبل أسبوع من كبار قادة المنطقة الوسطى العمل على تخفيض مستوى إطلاق النار على الفلسطينيين في الضفة الغربية، في أعقاب تزايد حالات إطلاق النار وقتل فلسطينيين في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وفي الأسابيع الأخيرة بشكل خاص.

كوخافي طلب من قادة الألوية العمل على تهدئة المنطقة وإشراك المزيد من كبار الضباط في جزء من النشاطات العسكرية والتأكد من أن معظم القرارات يتم اتخاذها من المستويات العليا. ومنذ شهر مايو/أيار قُتل بنار جيش الاحتلال في الضفة أكثر من 40 فلسطينياً.

وعلى جبهة غزة الأكثر سخونة والتي شهدت إطلاق صواريخ قبل أيام، مارس الاحتلال سياسة ضبط النفس، ورغم تهديداته بالرد القاسي إلا أنه لم ينفذ وهذا يعكس الخشية من التدهور الأمني والتصعيد.

مسؤولون في المؤسسة الأمنية للاحتلال قالوا بأن ضغوطاً مورست على "إسرائيل" لتجنب ردٍ قاسٍ على إطلاق الصاروخ على سديروت، خشية الانجرار إلى أيام التصعيد وفشل المفاوضات مع غزة بوساطة مصر، معتبرين إنه لا جدوى في هذه المرحلة من الاستمرار في إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام مواد البناء لأن معظم المواد والمعدات تدخل من معبر رفح لذا فقد قرر الاحتلال السماح بإدخال مواد بناء وبضائع أخرى إلى قطاع غزة.

الغليان الميداني يقرأه الاحتلال جيداً لذا لا تتوقف التحذيرات من كبار المسؤولين في المؤسسة العسكرية من تصعيد محتمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حال "عدم التوصل إلى تفاهمات مع فصائل المقاومة في قطاع غزة وتهدئة الأوضاع في الضفة الغربية".

وفي هذا الإطار يعمل الاحتلال وفق اتجاهين الأول في الضفة الغربية عبر تعزيز العلاقة مع السلطة ومحاولة تقويتها عبر إجراءات إٍسرائيلية – أمريكية اقتصادية في المرحلة المقبلة من خلال ضخ أموال ومشاريع لإنقاذ موقف السلطة التي تضررت كثيراً بعد قتل الناشط والمعارض السياسي نزار بنات.

وقد تحاول السلطة أن تجري تحسينات على أدائها في موضوع الحريات الشعبية لتهدئة الشارع الفلسطيني، يتلوه دعم مالي أمريكي أوروبي وصولاً لحلول أمنية واقتصادية على حساب القضية الفلسطينية.

الاتجاه الثاني في غزة وهو مسار مختلف تماماً حيث يحاول الاحتلال التوصل لهدوء، لكنه يسعى لفرض شروطه عبر التفاوض مع حماس تحت ضغط الحصار الاقتصادي، وعرقلة المنحة القطرية وربطها بشروط جديدة منها تسليم المستحقات للأسر الفقيرة من خلال آلية للأمم المتحدة، وهي محاولة أيضًا للضغط لتسريع صفقة تبادل الأسرى وفرضها بشروط الاحتلال.

في المقابل فإن المقاومة بغزة بدأت تلوح بالعودة للأدوات الخشنة التي تستخدمها مثل البالونات الحارقة والإرباك الليلي وحتى العودة لمسيرات العودة على الحدود، فيما يعكس أن التفاهمات ما زالت بعيدة.

وفي السياق ذاته أعلنت مصر أن وزير المخابرات عباس كامل سيزور الاحتلال والأراضي الفلسطينية خلال أيام، ما يؤكد أن المفاوضات تعثرت وبحاجة لتحرك مصري أكبر لتحريكها.

البث المباشر