قائد الطوفان قائد الطوفان

على حدود غزة

من يحمل قلبه على كفه.. يطلق النار من مسافة صفر

صورة من إطلاق النار أمس
صورة من إطلاق النار أمس

الرسالة نت-رشا فرحات

بدأ كل ذلك بعد عصر يوم الواحد والعشرين من أغسطس آب، وفي ذكرى إحراق الأقصى وعلى امتداد السياج الحدودي، أو بمعنى أدق الذي أصبح جداراً إسمنتياً حدودياً بنته "إسرائيل".

تزاحم المتظاهرون بفعالياتهم السلمية، حراك شعبي يطالب بحقه في العودة، برفع الحصار، بإدخال البضائع التي مُنعت منذ حرب غزة، كأي شعب محتل غاضب، ومن حقه أن يغضب، وهو لا زال يطالب بحقه منذ سبعين عاماً، ولا صدى لصوته يرتد.

حالة الاشتباك بدأت بإطلاق رصاص المحتل وقنابل الغاز على المتظاهرين السلميين، وأعلنت وزارة الصحة عن إصابة 41 مواطنًا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي شرقي مدينة غزة، منهم 10 أطفال، مع تسجيل إصابتين في وضع حرج، إحداهما لطفل (13 عامًا) برصاصة في رأسه.

وحتى كاميرات المصورين أصيبت فارتدت على وجوههم، فقد أصيب المصور عاصم شحادة الذي يعمل لصالح قناة "المملكة" الأردنية، في الوجه، رغم أنه كان يعمل في فضاء رحب في أرض ملكة الواسعة وفي ضوء النهار، ولم يكن ليخفى على جندي المحتل شكله ولا درعه الذي يلبسه، أو كاميرته التي يحملها.

ومن خلف الجدار الإسمنتي، الذي بناه الاحتلال رعباً من أطفال غزة العزّل، نظر الجندي باتجاه المتظاهرين من ثقب، صمم خصيصاً ليتسع لفوهة بندقية المحتل، نظرة بنية القتل، باغتتها نظرة أخرى من فوهة سلاح فلسطيني قديم، من يد فلسطينية أصابت وجه الجندي مباشرة.

وحسب ما قالته القناة 13 العبرية، إن الجندي المصاب ينتمي إلى وحدة المستعربين في حرس الحدود، وقد كانت إصابته خطيرة، ولا زال غانتس يتوعد برد يتناسب مع حجم الثقوب في جدار عال.

هكذا لا يُغلب أهل غزة، يخرجون من بين الأزقة والثقوب، كأشباح الليل من بين التلال والأشجار، ومن تحت رماد القصف والأحلام المردومة، وكلما هُدم حلم فلسطيني، بُني جدار إسرائيلي، فتزداد القنصات، وتبدو جملة من مسافة صفر أكثر ثباتاً وإقناعاً.

وتبني (إسرائيل) جداراً تلو الآخر حول نفسها، فتضيّق الجدران على رعبها وتعلو أمام أعيننا، وتطول أقدام الفتى، لا شيء يعجزه، لا شيء يمنعه، لأنه وحده الذي يملأه يقين، بأن على كل الجدران أن تهدم.

من فتحة جدار ثقبها المحتل ليطلق منها رصاصه تجاه المتظاهرين، دخلت رصاصته، فتحة واحدة كافية لتعلم الأسود القنص، لا ينبغي على ذلك القناص أن يقفز من وراء جدار ليرى...

منذ سبعين عاما، وهذا العالم لا يرى، هو وحده، ذلك الفتى الغزي، من ذلك الثقب الصغير رأى، وسرد لنا حكاية جديدة من حكايات غزة، عن ذلك الجندي الذي فقأت عينيه رصاصة خرجت من بين ركام الحرب.

وأصبح مقطع القنص المصور، هو الفيديو الأكثر تداولًا على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن غزة حينما تخرج للعالم تعيد القضية دوماً للمقدمة.

البث المباشر