قائد الطوفان قائد الطوفان

زوارق الاحتلال تواصل سطوتها على لقمة عيش الصيادين

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-أحمد المناعمة

بكل عربدة، تجوب زوارق جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، بحر غزة، ليل نهار، لتقضي وقتها بملاحقة مراكب الصيادين الفلسطينيين، لإجبارهم على ممارسة مهنة "الموت"، في مساحة صيد شحيحة الأسماك.

قصص كتبت بالدم عاشها الصيادون طيلة أعوام الحصار المتسمر على غزة منذ العام 2007، بعد أن نالت رصاصات الاحتلال الغادرة من صدورهم، فأحالت العشرات منهم إلى شهداء، وخلفت مئات المصابين، عدى عن الذين اعتقلهم عنوةً وصادر مراكبهم ومعداتهم.

انتكاسات مستمرة يتعرض لها أصحاب "البحر"، مع مرور الوقت، نتيجة تهالك مراكبهم ومعداتهم، التي يرفض الاحتلال تجديدها وإدخالها عبر معابر القطاع، ليستمروا بالعمل بمعداتهم ذات التكلفة التشغيلية المرتفعة، في ظروف تجعل من مهنتهم مهنة "الفقر".

خطر يومي

يروي أبو رجب الهسي، الذي تجاوز عمره الـ 80 عامًا، عن تفاصيل حياته التي قضاها بين أمواج البحر، وانتهت إلى نقل هذه "المهنة"، إلى أبنائه وأحفاده أصحاب البشرة السمراء.

يقول "الهسي" في حديث "للرسالة نت"، "قضيت عمري في العمل بمهنة المتاعب، التي اعتزلتها بعد أن خارت قواي وأصحبت عاجزًا عن ممارستها نتيجة تقدمي في السن وظروفي الصحية المنهكة".

ويضيف الثمانيني، "كل ما أفعله حاليًا، الذهاب إلى شاطئ البحر صباحًا، لأطمئن على سلامة أبنائي وأحفادي الذين أورثتهم المهنة، وأنا أعلم أنها خطر يتهدد حياتهم، فرصاصات الاحتلال لطالما كانت سببًا برحيل زملائي الذين عرفتهم في البحر".

ويوضح أنه بعد أن يطمئن على أنهم أحياء وبخير، يستمع لتفاصيل رحلة الصيد التي تستغرق منهم ما يزيد عن 13 ساعة عمل متواصلة يوميًا، ليطلعوه على ما اعتادت أذناه على سماعه من شكواهم، "من شح الصيد، وملاحقة زوارق الاحتلال".

مراكب متهالكة

ويكشف الهسي، والحسرة تملأ قلبه، عن استخدام أبنائه للمركبة والمعدات التي بدأ بالعمل فيها قبل أكثر من 3 عقود، والتي قام بصيانتها عشرات المرات، بعد أن وقفت معابر الاحتلال الإسرائيلي، سدًا منيعًا أمام قطع الغيار، والآلات الجديدة.

لا يختلف حال الصياد الهسي، كثيرًا، عن حال أبو محمد بكر (30 عامًا)، الذي يعمل صيادًا مع والده وإخوانه على مركب "عاف عليه الزمن" –حسب وصفه-.

يحكي "للرسالة نت" تفاصيل رحل صيده اليومية التي يخرج من معظمها (الرأس بالطاقية)، أو بخسارة أو ربح قليل.

يقول: "نعمل كل يوم لأكثر من 12 ساعة، ولا نعود إلا بخفي حنين، "بعد نبيع أسماكنا القليلة المصطادة، نضع ثمنها لنسد مبلغ "السولار"، التي تستهلكه المركبة، كونها تعمل بمحرك قديم وغير مخصص للعمل البحري، إذ يستهلك أضعاف ما تستهلكه "المحركات" المخصصة" لمراكب الصيد.

ويؤكد بكر أن الصيد في بحر غزة، شحيح، بسبب رسم زوارق الاحتلال المساحة المسموح لنا العمل بها، وهي مناطق رملية فارغة من أسماك مقيمة.

ويبين بكر الصياد طويل القامة، أن المناطق الصخرية والعميقة، تقبع خلف زوارق الاحتلال التي تقتل وتعتقل دون رحمة كل من يحاول الوصول إليها، مشيراً إلى أنه يقضي يومه بالصيد الشحيح، ما راكم عليه الديون لأصحاب أدوات الصيد، ومحطات بيع السولار.

ويكشف أنه في أحد الأيام قرر مع أشقائه التقدم إلى مناطق صخرية، بعد أن يئسوا من صيد الأسماك بالمناطق القريبة، ويقول، "خلال لحظات كنا على زوارق الاحتلال معتقلين تحت تهديد الرصاص، وتعرضنا لجميع أشكال الإهانة أثناء التحقيق، وقضينا أياماً من الاعتقال ليتم الإفراج عنا بعد أيام سوداء".

ليست للفقراء

ويشير أبو علي أبو حصيرة، صاحب "مسمكة" مشهورة، أنه بات يبيع وجباته بأسعار لا تتناسب مع ظروف أهالي قطاع غزة الاقتصادية، بعد غلاء الأسماك وارتفاع ثمنها، كون صيدها بات مكلفًا للصيادين.

ويوضح أبو حصيرة للرسالة نت، أن مسمكته تغيب عنها أصناف عديدة من الأسماك، التي يسأل عنها زبائنه القدامى، نتيجة تقليص الاحتلال مساحة الصيد ومنع "الصيادين"، من الوصول إلى المياه التي تقطنها هذه الأسماك، ما أثر سلبًا على مصدر رزقه.

وأكد أن مسمكته تعيش تراجعًا ملحوظًا، نتيجة عدم قدرة المواطنين على شراء الأسماك سواءً الطازجة أو المطهية، متأملاً أن تتحسن ظروف الصيد في بحر غزة، بما ينعكس عليه بالإيجاب.

وفي جولة لمراسل الرسالة نت، داخل "حسبة الشاطئ"، الأشهر في قطاع غزة لبيع الأسماك، شكا المواطن إبراهيم أحمد (45 عامًا)، من ارتفاع أسعار الأسماك المميزة.

يقول المعيل لستة أبناء، إنه، "يزور الحسبة عدة مرات، ليستطيع أن يقتنص يومًا تنخفض فيه أسعار السمك، ويعود لعائلته بوجبتهم المفضلة"، مشيرًا إلى أن الأسعار تشهد تذبذبًا، ومع ذلك تبقى مرتفعة أكثر من المعتاد.

ويوضح أنه يعمل سباكًا بدخل غير ثابت، ولا يقدر على شراء الأسماك دائمًا كون سعر الكيلو الواحد منها يتجاوز ما يتقاضاه مقابل يوم عمل كامل.

ويعيش في قطاع غزة 4 آلاف صياد، يعملون على قرابة الأف قارب، ويعيلون 50 ألف نسمة.

البث المباشر