تشهد الضفة الغربية منذ الرابع والعشرين من يونيو وهو اليوم الذي اغتيل فيه الناشط والحقوقي نزار بنات أحداثاً ملتهبة ومظاهرات سلمية للمطالبة بتقديم القتلة للعدالة.
وخرجت السلطة بدلاً من تطبيق العدالة لمواجهة المواطنين بقوات مكافحة الشغب، بل وبعناصر من خارج الأجهزة الأمنية، استخدمت الهراوات وإطلاق الغاز المسيل للدموع وضربت وسحلت المدنيين، وهاجمت الصحافيين وكسرت كاميراتهم، ولم تتردد في قمع أي متظاهر مهما كان منصبه ومكانته الاجتماعية أو سنه.
وبينما تراهن السلطة على القمع وعلى نسيان الشارع لقضية بنات توجهت عائلته إلى المحاكم الدولية حيث رفعت أسرته قضية دولية تتهم فيها السلطة باغتيال ابنها، وذلك من خلال القضاء البريطاني ومنظمة "ستوك وايت" الحقوقية الدولية، بعد تكلفيها مكتب محاماة في لندن لإطلاق تحقيق دولي في مقتله.
وما هي إلا أيام وقدمت ستوك وايت شكوى ضد وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ واتهمته بمقتل بنات وبالتواطؤ مع جهاز الأمن الوقائي، كما وجهت تهمة مباشرة إلى نائب رئيس الجهاز بمحافظة الخليل والمتورط بشكل مباشر بالاغتيال ماهر السهدي أبو حلاوة.
وطالت الشكوى أيضاً محافظ الخليل جبريل البكري، والعقيد عزيز الطميزي قائد الفرقة التي اختطفت بنات، بالإضافة إلى شادي القواسمة الذي اتهمته العائلة بالتورط المباشر ضمن الفريق الذي قام بعملية الاغتيال وسائق السيارة التي استخدمت في عملية الاختطاف والقتل.
ويرى الحقوقي محمد أبو هاشم- المحامي في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان - أن هذه القضية تشكل ضغطاً إعلامياً على السلطة، وتعكس عدم ثقة العائلة بإجراءاتها تجاه قضية مقتل بنات.
وحسب ما قاله أبو هاشم، فإن القضاء البريطاني يعطي الحق لغير البريطاني أن يتقدم بشكوى عن طريق محاكمهم، وكذلك في حالة إذا كان الجاني أو المجني عليه يحمل الجنسية البريطانية، لافتاً إلى أنه لا علم لديه بما إذا كان أحد الجناة يحمل الجنسية البريطانية.
ويضيف أبو هاشم: "قضايا القتل تأخذ في المحاكم فترة من أربع إلى خمس سنوات، ولا زالت قضية بنات في المحاكم الفلسطينية ولم يمر عليها عام، فلماذا لجأت العائلة بهذه السرعة إلى القانون الدولي؟!
هذا السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي يجعل العائلة تلجأ للقضاء الدولي، هل عدم ثقتها بنزاهة السلطة في التعامل مع القضية؟!
وقد قال رئيس قسم القانون الدولي في شركة "ستوك وايت" هاكان كاموز وممثل العائلة: المسؤولية عن مقتل نزار بنات تقع على عاتق القيادة العليا للسلطة الفلسطينية بما في ذلك الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتيه".
وأضاف: "لقد ظلت السلطة توجه أجهزتها الأمنية طوال السنوات الماضية لقمع حرية التعبير وأي معارضة والدوس على أي من جميع حقوق الإنسان الفلسطيني".
المحامي صلاح عبد العاطي المختص بالقانون الدولي يرى أن القضية التي رفعتها العائلة مهمة لأن القضاء الدولي قضاء مكمل للقضاء الوطني، وفي حال عجز القضاء الوطني عن إنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، فلهؤلاء الضحايا أن يلجؤوا للقانون الدولي للحصول على حقوقهم.
ويرى عبد العاطي أن السطلة قصرت في تحمل مسؤولياتها الوطنية والقانونية والأخلاقية في قضية اغتيال بنات، لذلك لجأت العائلة للقضاء البريطاني، وهناك قضاء في دول مختلفة من العالم يسمح برفع الدعاوى، وهذا سيشكل ضغطاً دولياً على السلطة لإنصاف العائلة.
من جهتها، نددت الأمم المتحدة بـ"الضغط المستمر" الذي تمارسه السلطة الفلسطينية على الحق في حرية التعبير بعد اعتقال نحو 20 فلسطينياً في الضفة الغربية الأسبوع الماضي كانوا يستعدون للتظاهر للمطالبة بالعدالة في قضية نزار بنات.