دون أدنى شك، تثبت غزة ومقاومتها على مر التاريخ، أنها القادرة على تغيير المعادلات وقلب الحسابات في معاركها مع الاحتلال، الذي يسعى بكافة الوسائل إلى كسرها وإغراقها بالأزمات الإنسانية.
وترفض غزة من خلال مقاومتها بشتى الطرق والأساليب حملات الابتزاز والتطويع التي تمارس ضدها، وتعلن على الملأ أن الاستراتيجية الإسرائيلية التي يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد نفتالي بينت فرضها لن تجدي نفعا في التعامل مع القطاع.
ورغم نجاح المقاومة في غزة بانتزاع جزء من حقوقها في فتح المعابر بشكل كامل وإدخال كافة البضائع دون أي قيود وتوسيع مساحة الصيد إلى 15 ميلا بحريا، ومضاعفة تصاريح التجار إلى الداخل المحتل، تُبقي غزة وسائل الضغط الشعبي على طول الحدود قائمة، وهو أمر يحمل العديد من الرسائل يمكن قراءتها في عدة سياقات: -
- سياسة العصا والجزرة التي حاول بينت اتباعها مع قطاع غزة فشلت في فرض معادلة جديدة، والحلول المؤقتة والتسهيلات الجزئية الخدّاعة لم تعد مقبولة، ومطلب المقاومة اليوم هو كسر الحصار بشكل كامل ودون قيد أو شرط.
- المماطلة وعدم ادخال أموال المانحين وعدم بدء إعادة الإعمار وربطه في أي ملفات أخرى كصفقة التبادل أمر غير مقبول ويمكن أن يفجر الأوضاع مجددا ويدفع باتجاه تصعيد جديد.
- الفعاليات المتدرجة كـ "الارباك الليلي" وازعاج البلالين وغيرها من أدوات الضغط مستمرة حتى كسر الحصار بشكل كامل، وما حدث حتى الآن غير كاف.
- رسالة للوسطاء بزيادة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، وأن أدوات الضغط لن تتوقف دون أن يشعر المواطن بتحسن اقتصادي فعلي وملموس على أرض الواقع.
وعلى ضوء ما سبق فإن حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بينت لن تجد أمامها سوى التراجع عن سياستها الحالية في التعامل مع قطاع غزة، لا سيما وأن هناك العديد من الدعوات والأصوات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تطالب بإعادة التعامل مع القطاع وفق النموذج السابق.
ويصرح العقيد احتياط في الجيش الإسرائيلي "أودي إفينتال"، أن إسرائيل ستضطر للعودة إلى النموذج السابق في التعامل مع غزة، بعد أن قررت حركة حماس المخاطرة وتوتير الحدود للضغط عليهم.
وأضاف إفينتال وهو باحث في "معهد السياسة والاستراتيجية" في المركز المتعدد المجالات في هرتسيليا، "يبدو أن المخاطرة التي تتخذها حماس محسوبة وتستند إلى تقدير أن إسرائيل ستسعى لتجنب جولة أخرى في غزة مع قرب الأعياد اليهودية وفي خضم أزمة كورونا ".
في نهاية المطاف يمكن القول إن الثابت في كل المحطات أن غزة هي صاحبة النفس الطويل وستنجح في إرضاخ بينت صاحب سياسية "فرد العضلات" لمطالبها، فليس أمامه سوى الاستجابة أو الذهاب لجولة جديدة من التصعيد قد تتسبب بإسقاط حكومته، وهو ما لا يرغبه.