ما تزال تداعيات عملية نفق الحرية الذي انتزع من خلاله ستة أسرى حريتهم وغادروا سجن جلبوع، الذي يصفه الاحتلال بالقلعة الأمنية غير واضحة حتى اللحظة.
في المقابل تنشط عمليات البحث والاستنفار الأمني الواسع في جميع الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال، حيث تتضارب التوقعات بين دخولهم الضفة الغربية أو اجتيازهم الحدود مع الأردن.
ومنذ اللحظة الأولى لهروب الأسرى تحدثت الأخبار عن لقاءات عقدت على مستوى الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتلك التابعة للاحتلال الإسرائيلي، حيث التقى الضباط من الجانبين للتعاون في القبض على الأسرى.
وتأكيداً لتلك الأنباء تحدث مصدر كبير في جهاز الشاباك أن قياديين كبيرين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية تواصلا مع جهاز الأمن العام الشاباك لتبادل المعلومات حول الأسرى الفلسطينيين الذين استطاعوا الهرب من سجن جلبوع شمال فلسطين.
ويخشى الاحتلال من تصاعد الأوضاع في الضفة الغربية بعد عملية نفق الحرية، حيث تفيد هيئة البث "كان" بأن جيش الاحتلال متخوف من أن يؤدي هروب الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع إلى وقوع مواجهات وتصعيد في الضفة الغربية.
وأشارت الهيئة إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية متخوفة من أن "فرار الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع قد يلهم المناطق ويؤدي إلى تصعيد أمني".
وأضافت أن أسهم "حركة الجهاد الإسلامي" ارتفعت لافتة إلى أن حماس والجهاد تطالبان الفلسطينيين في الضفة بتوفير المأوى للأسرى".
وقد طالبت كل الفصائل السلطة في الضفة الغربية والمواطنين بحماية الأسرى وتوفير الظروف المناسبة لمنع قوات الاحتلال من اعتقالهم، كما هددت أن أي محاولة اغتيال لهم ستشعل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
تلك المطالبات تزامنت مع مخاوف من تورط السلطة في مساعدة الاحتلال في البحث عن الأسرى وتقديم معلومات تؤدي للامساك بهم، خاصة أن تاريخ أجهزة السلطة يعج بقصص لمقاومين أتعبوا الاحتلال في نضالهم وتخفيهم عنه لفترات طويلة، ثم جاءت أجهزة السلطة وألقت القبض عليهم وسلمتهم للاحتلال.
وتأتي عملية نفق الحرية بعد أن تصدرت جنين مشهد المقاومة في الضفة الغربية مؤخراً، وأثبتت أنها ما زالت تحافظ على سلاحها المقاوم في وجه الاحتلال وتؤرقه عند كل اقتحام.
وتعتبر جنين الواقعة شمال الضفة المحتلة، هي الوحيدة التي تحتضن المقاومين المسلحين، وعند كل اقتحام للمدينة بهدف اعتقال ما يسميهم الاحتلال بالمطلوبين؛ يتعرض جنود الاحتلال لإطلاق نار من المقاومين سرعان ما يتحول إلى اشتباكات مسلحة لساعات، ورغم أنها عادة لا توقع إصابات في صفوف الجنود، إلا أن الاحتلال يحسب لها ألف حساب لمجرد وجود سلاح تتجه رصاصاته صوب جنوده.
هذا الواقع الجديد يزيد من تخوفات الاحتلال بأن حدثاً أمنياً كبيراً ينتهي بتسليم الأسرى أو اغتيالهم يعني اشتعال المدينة بالكامل وربما يمتد الأمر لكل مدن الضفة.
من ناحية أخرى فإن السلطة في وضع لا تحسد عليه ووقعت في حرج كبير. فمن ناحية لديها التزامات أمنية مع الاحتلال واتفاقيات ألزمت نفسها بها، وفي حدث نوعي من هذا النوع دورها ضروري وأساس في مساعدة الاحتلال، ومن ناحية أخرى فإن ضلوعها في تسليم الأسرى أو تقديم معلومات للاحتلال حولهم سيثير غضباً كبيراً ضدها وسيتشكل رأي عام أكثر نفوراً منها، ومن داخل حركة فتح، خاصة مع وجود زكريا الزبيدي مسؤول كتائب شهداء الأقصى السابق.
وأخر العمليات التي ساهمت أجهزة السلطة بتسليم المقاومين قيام جهاز الأمن الوقائي قبل شهور قليلة بتسليم المقاوم منتصر شلبي، حيث كشفت قناة "كان" العبرية، عن جزء من التحقيق مع الأسير شلبي، حول عملية إطلاق النار التي نفذها عند حاجز زعترة جنوب مدينة نابلس، حيث أشارت إلى أن جهاز الأمن الوقائي هو الذي قام باكتشاف مكان اختبائه وأبلغ الاحتلال به ليتم اعتقاله لاحقاً.