قائد الطوفان قائد الطوفان

لماذا تزداد الدعوات لإسقاط عباس؟

لماذا تزداد الدعوات لإسقاط عباس؟
لماذا تزداد الدعوات لإسقاط عباس؟

غزة-محمود فودة

 حينما يذكر التاريخ محمود عباس يشار إليه كعدو للكفاح المسلح الفلسطيني، وراعي المفاوضات بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي منذ عقود طويلة، ويسجل عليه التسبب في شرذمة الجبهة الداخلية الفلسطينية، فكان لزاماً الدعوة لتنحيته عن الواجهة.

لا يخفي عباس عداوته للمقاومة المسلحة، حينما يصف العمليات الاستشهادية بـ"الانتحارية" والصواريخ التي هزت (إسرائيل) بـ"العبثية" في حين يخالفه الرأي الملايين من جمهور المقاومة من طوائفهم المختلفة بدعمهم المطلق للمقاومة.

منذ صغره، تعلم "الصهيونية" في موسكو، من ثم قاد عشرات جولات المحادثات السرية مع الاحتلال الإسرائيلي منذ السبعينيات، حيث توصل لاتفاق مع الجنرال الإسرائيلي ماتيتياهو بيليد- والتي أدت لإعلان مبادئ السلام على أساس الحل بإقامة دولتين المعلن في الأول من يناير 1977.

كما شارك في المحادثات السرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال وسطاء هولنديين عام 1989، وتولى تنسيق المفاوضات أثناء مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، وأشرف على المفاوضات التي أدت إلى اتفاق أوسلو، ومن ثم قاد المفاوضات التي جرت في القاهرة ونتج عنها اتفاق غزة -أريحا.

  مشروع التنازل

ولم يترك عباس شيئًا وإلا وتنازل عنه، بدءاً من بيته في مسقط رأسه بمدينة صفد شمال فلسطين المحتلة، وصولًا إلى حق العودة لجميع الفلسطينيين، وحاصر غزة ولا يزال، في إطار رفضه لمشروع المقاومة المسلحة، التي باتت الأكثر تأثيرًا في الساحة الفلسطينية كلها.

وكان الشيخ أحمد ياسين قد توقع عام 1999م أن يتولى محمود عباس مقاليد السلطة خلفاً لأبو عمار، أي قبل تولي عباس الرئاسة بست سنوات، وذلك خلال لقاء مع قناة الجزيرة.

وسأله المذيع حينها: "من ممكن أن يخلف عرفات في السلطة؟"، فأجاب: "هناك أسماء مطروحة في الداخل، منها محمود عباس وأحمد قريع (...)، وأنا في رأيي أن الذي يخلفه هو الأكثر طواعية في يد أمريكا ويد إسرائيل، والراجح أن المراهنة تمشي بأن يكون محمود عباس هو الخليفة، لأنه صاحب اتفاقية أوسلو ورجل الاتفاقات والمحادثات، فهم مطمئنون أن يظل في الطريق الذي يريدونه".

ولا ينسى الفلسطينيون وفي مقدمتهم قيادة فتح أن عباس نزل بـ"البارشوت الأمريكي" على المقاطعة كرئيس للوزراء، ولم يكن أمام القائد الراحل ياسر عرفات إلا أن يقبل بالضغوط، ويعين الرجل بالمنصب الذي تريده الإدارة الأمريكية، وذلك ليقوم بالمهمة التي جاء بها لمواجهة المقاومة المسلحة في الضفة وغزة، في حين كان أبو عمار يدعمها وهذا لم يرُق للإسرائيليين والأمريكيين، حتى اتفقوا على التخلص منه، وبأيدٍ فلسطينية.

ويعيش الفلسطينيون منذ أن عرفوا عباس رئيسًا في ظروف قاسية جراء سماحه للاحتلال بالتجرؤ أكثر مما سبق على الدم الفلسطيني، وكذلك فتح بوابة الانقسام الفلسطيني من خلال نشر الفوضى في الضفة وغزة، وتنازله عن الحقوق الفلسطينية في القدس والداخل المحتل واللاجئين والشتات.

وبعد أشهر قليلة على انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو الماضي، فاجأ محمود عباس الجميع بلقائه بني غانتس الشخصية العسكرية الأبرز لدى الاحتلال، الذي ارتكب جرائم حرب موثقة ضد الفلسطينيين على مدار السنوات الماضية، وذلك في مقر المقاطعة، حيث حظي بحفاوة الاستقبال، ودفء اللقاء.

ويتناسى عباس الذي نصب نفسه رئيسا للكرسي ثلاثي الوظائف، المنظمة وفتح والسلطة، أنه لا يحكم على شيء من الأراضي الفلسطينية بخلاف مراكز مدن الضفة التي تخترقها مجندات الاحتلال وقتما أرادت، في حين ترك بقية الأرض لقمة سائغة للمستوطنين.

  اسقاط عباس

وجرى أخيرًا الإعلان عن إطلاق حملة شعبية إلكترونية للتوقيع على عريضة ترفض استمرار بقاء عباس المنتهية ولايته منذ 12 عامًا على سدة الحُكم، فيما ستُعرض تفاصيل الحملة في مؤتمر صحفي في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر الجاري، وذلك بالتزامن مع موعد الخطاب الذي من المفترض أن يلقيه عباس مسجلاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتهدف الحملة للمطالبة بضرورة إجراء الانتخابات العامة، من أجل إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني برمته، إضافة إلى رفض التغول الأمني لأجهزة السلطة وإطلاق الحريات العامة، وتحقيق العدالة في قضية الشهيد نزار بنات، من خلال محاسبة مرتكبي الجريمة، وستكون على مستوى فلسطين وخارجها.

وتشكل الحملة امتداداً لحركة الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها مدن الضفة الغربية في الشهور الأخيرة، عقب اغتيال نزار بنات وإلغاء الانتخابات، وتماهي السلطة مع الاحتلال بشكل غير مسبوق وفج سواء في التنسيق الأمني أو الاقتصادي.

وليست هذه المرة الأولى التي يتم تصدير عريضة رفضا لحكم عباس، ففي يونيو الماضي وقع ما يقرب من 3000 فلسطيني عريضة تطالب عباس بالاستقالة من منصبه الرئاسي الثلاثي لكل من حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية.

وفي التعقيب على ذلك، قال عضو المجلس الوطني فايز أبو شمالة الذي يعد أهم أبرز الداعمين لفكرة العرائض الرافضة لعباس، إن عباس أجرم بحق الشعب الفلسطيني على مدار سنوات حكمه، وأوصل القضية إلى مراحل فاقت توقعات العدو نفسه.

وأضاف أبو شمالة في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن عباس أسس مشروع التنسيق الأمني، والتنازل عن الأرض الفلسطينية، مقابل مصالحة شخصية اقتصادية لقيادات السلطة، وكذلك تنازل عن ملف الأسرى خصوصاً المتفق على الإفراج عنهم وهم أسرى ما قبل أوسلو.

وبيّن أن حالة الرفض الشعبي والفصائلي لمحمود عباس باتت في أعلى درجاتها، وفق ما أفرزته معركة سيف القدس من التفاف شعبي واسع حول مشروع المقاومة، وكذلك عملية انتزاع الحرية، حيث وقف المقاومون في غزة والسجون في وجه سياسات الاحتلال بحق القدس والأسرى، في وقت أغفل عباس هذه الملفات المهمة.

وأكد أن هذه العرائض والمواقف المعلنة، يجب أن تتحول إلى واقع ملموس على أرض الواقع، لإزاحة محمود عباس، كي نرى نظاما سياسيا تفرزه الانتخابات الشرعية، لتظهر لنا قيادة جديدة، تعكس آمال الشعب الفلسطيني وتطلعاته في الحرية ونيل الحقوق، وليس التنازل عنها كما يفعل عباس.

 

 

البث المباشر