لا تزال سلطة رام الله تحاول فرض قبضتها على قطاع غزة كلما سنحت لها الفرصة، فهي تستمر في تعنتها تجاه الغزيين حول قضية حرمان عدد منهم من الحصول على جوازات السفر، رغم ما يشكله من انتهاك جسيم لحقوق الإنسان.
ويمس حرمان الغزيين من جوازات السفر، جوهر الاتفاقيات التي انضمت إليها فلسطين، ولاسيما اتفاقيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويشكل الانتهاك مساساً بالقانون الأساسي الفلسطيني.
وتعاقب سلطة رام الله المواطنين بعدم استصدار مستندات تمكنهم من الاتصال بالعالم الخارجي والسفر، لاسيما مؤيدي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وكل من يعارض قراراتها وخصوصها عبر منصات التواصل الاجتماعي.
القضية ليست وليدة هذه الأيام بل منذ سنوات طويلة، ولا تزال تراوح مكانها رغم محاولات الوصول إلى تفاهم مع السلطة لكنها تعود لتنقض الاتفاقيات وتواصل حجب جوازات السفر.
قبل أيام عقدت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان ورشة عمل حول أزمة جوازات السفر، أوصى خلالها حقوقيون ومختصون بضرورة وقف وزارة الداخلية في رام الله العمل بإجراء السلامة الأمنية كشرط لحصول سكان قطاع غزة على جواز سفر.
ودعا الحقوقيون إلى إلغاء كافة حالات الحرمان من الحصول على جواز سفر بذرائع أمنية، دون وجود قرار قضائي، وضرورة اتخاذ إجراءات للمساءلة والمحاسبة من الجهات المختصة، في أية حادثة أو شكوى تمس الحق في التنقل، والمنع من الحصول على جواز السفر.
ودعا الحقوقيون إلى إخراج قضية جوازات السفر من دائرة التجاذبات السياسية، وعدم التعدي على الحقوق، واحترام القانون.
وفي مستهل اللقاء ذكر الباحث في الهيئة المستقلة حسن حلاسة أن هيئته تلقت عشرات الشكاوى أفاد أصحابها أنهم منعوا من الحصول على جواز السفر الفلسطيني، وبالتالي حرموا من حقهم بحرية التنقل والسفر، حيث يرتبط هذا الحق بالحقوق الأخرى.
وذكر أنه من بداية 2019 وحتى نهاية سبتمبر 2021 تلقت الهيئة 72 شكوى بشأن المنع من الحصول على جواز سفر، والمبرر لهذا كما يصل عبر مكاتب الخدمات العاملة والوسيطة، جاء لأسباب أمنية، دون إبداء أي مبررات أو قرار قضائي يقضي بذلك.
واعتبر طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن أزمة جوازات السفر تعد أحد مفرزات الانقسام الفلسطيني، باعتبارها رافقت حالة الانقسام منذ العام 2007، مؤكداً أنه من غير المسموح لأي سلطة تنفيذية استخدام هذه الوسيلة لتصفية حسابات مع الخصم.
ولفت أبو ظريفة إلى أن الرقابة القضائية صاحبة الحق الوحيد في استصدار قرار قضائي للحصول على جواز السفر من عدمه، مشددا على أن إنهاء الانقسام هو الحل الجذري لهذه الأزمة، لوقف حالة التعديات على حقوق الإنسان، كون امتلاك جواز السفر من أبسط الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل فرد.
وفي السياق ذاته استعرض الحقوقي أحمد الغول مدير مكتب الهيئة في وسط وجنوب قطاع غزة الإطار القانوني الدولي والوطني للحق في الحصول على جواز السفر.
وأشار إلى أن حق الإنسان في الحصول على الأوراق والمستندات التي تثبت انتماءه لدولته ومنها جواز السفر، يعد من الحقوق الطبيعية اللصيقة بشخصه، وواجب على الدولة بأجهزتها المختلفة أن تمكن مواطنيها من الحصول عليه أو تجديده، باعتبار الحصول على جواز السفر قَوام للحق في التنقل، وحرمان الشخص منه هو عرقلة وانتهاك يستوجب المساءلة والمحاسبة.
ويسبب حرمان الغزي من الحصول على جواز سفره مشاكل كثيرة كعدم مواصلة التعليم الجامعي أو العلاج في الخارج، بالإضافة إلى حرمانه العمل وتأدية فريضة الحج أو لم شمل الأسرة، لذا لابد من إثارة هذه القضية بشكل مستمر والضغط للوصول إلى حلها.