الرسالة نت- أمينة زيارة
فتحت الشبكة العنكبوتية آفاقا كبيرة للعمل من المنازل ، وودع العديد من الشباب الكثير من الروتين والرسميات بدوام بيتي يمكنهم من الانجاز الفردي والنجاح السريع، وقد شهدت الساحة الفلسطينية نماذج مضيئة لعدد من الشباب استطاع أن يدير مشروعا متكاملا من داخل بيته أخذ مساحة وشهرة له في المجتمع، حيث يجد الراحة النفسية لانجاز هذه المشاريع الشابة.
الرسالة استمعت لأصحاب تلك المشاريع، واطلعت على نجاحاتهم ولماذا يعتبرون أن العمل البيتي أكثر راحة وانجازاً؟
تطوير ذاتي
الشاب "أحمد عمر" خريج الهندسة المعمارية من جامعة اليرموك بالمملكة الأردنية عاد إلى مسقط رأسه ليخدم وطنه من هناك، بعد أن بحث كثيراً عن فرصة عمل، لكنه لم يجن سوى التعب واليأس.
وخاض عمر دورات في تطوير الذات وإدارتها فكر بعدها في إيجاد مشروع خاص به يديره من بيته، فلم يطل التفكير في المشروع حتى اختمرت الفكرة وبدأ يطبقها على أرض الواقع.
ويقول عمر: استفدت كثيراً من دورات تطوير الذات وكيفية إدارة مشروع شخصي وبالفعل وضعت الخطط وتمكنت من عمل مشروع خاص بي لمساعدة طلبة الهندسة في رسم مشروع ما أو طباعة الأبحاث الهندسية بما أنني أملك جهاز حاسوب خاص وأنا خريج من هذه الكلية.
وأضاف أنه سعيد جدا بعمله هذا رغم التعب والإرهاق الذي يجده لأنه استطاع أن يصنع اسماً لدى الطلبة حيث جلب لي الطلبة زملائهم في الكلية، كما قال.
ويتابع: بدأت من لا شيء حتى استطعت أن اشتري جهازا آخر ليعمل عليه أخي ويساعدني في الطباعة.
ويبين مميزات العمل داخل البيت قائلاً: عملي هذا يقتل البطالة كما أنه يعطيني الحرية والراحة النفسية في العمل بعيداً عن الروتين الرسمي، ويعلق على ذلك بروح فكاهية على لسان أحد الموظفين الذي ترك عمله وقتها وقال: وداعاً لربطة العنق وأهلاً بالعمل بالبيجامة، منوها إلى أن هذا العمل يبعده عن الشكليات والمكاتب الضيقة وأوامر الإدارة.
صحفية من منزلها
فيما تشير الصحفية "أمينة سلامة" التي تعمل عن طريق الانترنت في مجلة سعودية إلى أنها بحثت كثيراً عن عمل وخاضت عشر سنوات من التطوع دون الوصول إلى نتيجة ترضي طموحها، وتقول: تطوعت سنوات وتدربت إعلامياً في مؤسسات صحفية لكنني لم احصل على وظيفة رسمية لديهم، لذلك اتخذت الانترنت وسيلة للبحث عن وظيفة، وبالبحث والمراسلة توصلت إلى مجلة دعوية في المملكة العربية السعودية وأصبحت موظفة لديها أتقاضى راتبا متوسطا يغنيني عن الحاجة، وعن عملها من بيتها.
وتضيف عمر مزية أخرى للعمل في البيت أفضل تخص المرأة فهي تبعدها عن الرسميات كما أن العمل من البيت يبقيها إلى جانب أسرتها وأطفالها ولا تتقيد بموعد أو قرار أو مكان.
وتضيف: أعمل بحريتي الكاملة أختار مكان عملي، ربما يروق لي أن أضع اللاب توب في
المطبخ أو غرفة المعيشة لمتابعة برنامج حواري أو سياسي، كما أجد الحرية أيضاً في اختيار وقت العمل، قد استطيع العمل في منتصف الليل أو أقوم بعملي وأشغال بيتي في نفس الوقت.
انجاز فردي
بينما ترى "الحاجة فوزية" والتي افتتحت مصنعا للملابس داخل بيتها ويعمل لديها عدد من الفتيات يعتبرنها الأم الحنون، وعن بداية عملها بتلك المهنة تقول: بدأت هاوية ولأنني توقفت عن الدراسة بدأت اتخذها كمهنة حيث عملت في الخط الأخضر كخياطة سنوات طويلة واستطعت من خلالها إتقان المهنة.
وتضيف: تمكنت بمساعدة إحدى المؤسسات من شراء مجموعة من الماكينات وافتتاح مصنع خاص لي داخل بيتي وأتعامل مع كبار التجار، مشيرة إلى أنها تجد الراحة النفسية في العمل داخل البيت بعيداً عن الإشكاليات في العمل وأوامر المدراء والضغط النفسي للإسراع في الإنتاج.
واستطاعت الحاجة فوزية من توسيع تجارتها، وعن ذلك قالت: بالتنسيق مع ابن أخي وسعت مصنعي وتجارتي عبر الانترنت من خلال جلب تصميمات جديدة تنال إعجاب التجار والزبائن.
أما "أحمد صالح" خريج "برمجة وتصميم مواقع انترنت" فقد خاض التدريب لدى عدة مراكز ومؤسسات لخمس سنوات لكنه لم يجد له مكاناً بينهم حتى عاد إلى بيته يائساً من سنوات عدم الانجاز.
وقال: تفتحت لدي فكرة مشروع خاص عندما حدثني صديق لي عن نجاح مشروعه وبالفعل أعلنت عن بدء مشروعي وهو "تصميم مواقع انترنت"، وبدأت تنهال علي العروض وأنجزت خلال ثلاثة شهور ما لم استطع انجازه في مؤسسة كبيرة وانطلقت بقوة.
ويشير إلى مميزات عمله البيتي قائلاً: يستطيع الإنسان الانجاز منفرداً بعيداً عن الروتين القاتل في المؤسسات، ويشعر الصانع بالسعادة عندما ينجز عملاً تعب فيه كثيراً ونال أجره، فلا مواعيد حضور وانصراف، أو مدير ينكد عليك ويتحكم فيك، فأنا رئيس نفسي وصاحب العمل.
مريحة للأعصاب
وتقول الأخصائية النفسية سماح زيارة أن الأعمال من المنازل مع التطور العلمي والتقني لم تعد ممكنة فقط بل ومتوفرة كثيراً؛ فهي تريح أعصاب الموظفين والموظفات وربما الموظفات بشكل أكبر، فالموظفة تستطيع أن تقوم بعملها وبالوقت المناسب وتنتج إنتاجاً جيداً، مختصرة وقت الذهاب والإياب وزحمة المواصلات، وفي الوقت ذاته تراقب أطفالها الصغار وتؤدي بعض أعمالها المنزلية.
العمل من المنازل يعتبر إنجازا شخصيا، ويوفر الكثير على المؤسسات والشركات، والعمل يسير فيها على أحسن ما يكون، رغم أنه قد يؤثر في التواصل الاجتماعي.