الرسالة نت–عبد الحميد حمدونة
لم يتوان العريس فادي في دفع ما تبقى معه من نقود لتزيين فندق الحلو الدولي في ليلة زفافه قبل بضعة أيام، دفعُ الأموال كان لغرض اقتناص أجمل كماليات الفرح وبسعر معقول.
انتهى المطاف بـ"فادي" صاحب الـ"27 ربيعا" لاستكمال آخر حلقة من تجهيز فرحه وهي الكماليات بدفع 2000 شيكل، مبلغ لا يستطيع الحصول عليه عامل عادي في أربع شهور متتالية.
يقول فادي لـ"الرسالة نت": "حفيو رجليا" وأنا أبحث عن فرقة دبكة لحفلة عرسي وكذلك لكوشة جميلة وتزيين مدخل الصالة وأيضا إضاءة مبهرة"، ويتابع وهو ممسك بـ "دستة" دولارات: "هدول" فقط ليوم الفرح.
للتفاخر
وتتزايد أنواع وأشكال كماليات الأعراس في مجتمعنا الغزي بشكل ملحوظ، حيث تتسابق محلات تزيين صالات الأعراس في تصميم "الكوش" والممرات للصالات لجذب أكبر عدد ممكن من المتابعات للفرح والبقاء لفترة أطول في الصالة، وخطف أنظارهم تجاه من يرقد في وسط الكوشة وهما "العريس والعروس".
العرسان الذين ينفقون آلاف الدنانير من أجل استكمال حلقات الزواج النهائي، لا يألون جهدا لاستئجار "كوشة" فقط لليلة الفرح والتفاخر بها أمام المعارف والأصدقاء، تصل إلى 600 شيكل.
وأصبحت كماليات الأعراس في يومنا هذا تتخذ أشكالا وألوانا مختلفة ومميزة من الأشكال التي لا تخطر على البال، فمع أذواق العروسين يكون شكل الكوشة والممر وكذلك الإضاءة الخاطفة للنظر.
ويرجع الستيني أبو خالد صاحب محل تأجير الكوش والممرات والإضاءات، سبب اقبال الناس على استئجارها رغم الغلاء الفاحش في الأسعار إلى أن المواطنين يرغبون في تزيين يوم فرحهم على ما يرونه متماشيا مع أذواقهم، معتقدا "انه من السذاجة بمكان أن يظن الناس في بعض العرسان عدم امتلاكهم للذوق في امتلاك باقي الكماليات، فقد يكون الشخص من ذوي الدخل المحدود ولا يستطيع توفير هذه الكماليات".
الأسعار في متناول الجميع هذا ما أكده أبو خالد وهو يقلب على حاسوبه صورا متقنة لـ "كوش" صممها بنفسه، مشيرا الى ان كثرة الطلب على بضاعته في ازدياد.
وما لفت انتباه "الرسالة نت" هو عريس لم يتبق على حفل زفافه بضع أيام، يلف ويدور من أجل استئجار كماليات فرحه وبسعر قليل رغم الوضع الاقتصادي التعيس الذي يعيشه أهالي غزة.
بينما يقول العريس حسن محمود"22 عاما" :"بأن هذه الموضة دخيلة على مجتمعنا وانه لا اعتراض لديه عليها وإنما اعتراضه على المبالغ التي تنفق عليها"، متابعا: لولا طلبت خطيبتي مني جلب هذه الكماليات لما كانت في الحسبان بسبب أنها تتطلب ميزانية خاصة بحد ذاتها.
بخيل..!
مرهق هو الفرح في غزة من جميع النواحي، ابتداء بمهر العروس وانتهاء بشراء حلويات الصباحية، هذا ما أكده لـ"الرسالة" متزوجون وسط دوامة الفقر التي يحياها أهالي غزة.
وقد يكون الأب من ذوي الدخول المحدودة ولا يستطيع أن يجلب تلك الكماليات عند زواج ابنه فهل معنى ذلك ان يظن الناس بأنه بخيل؟، ألا يكفي أن تجهيز الحاجات البدائية من الفرح تنهك كاهل الوالدين لأنها تأخذ الجزء الاكبر من الراتب؟.
ويبحث محمود عن السبب الذي يدفعه لاستدانة مئات الدولارات من أجل استكمال مراسم عرسه، متسائلا :"أليس من المفروض أن أدخر المبالغ هذه للمستقبل المرتقب الذي سيكلفني احتياجات الشيء الكثير والبيت الكبير؟".
إحساس العروسين بحلاوة الفرح هي ذاتها، سواء أكانت ليلة الفرح على "كوكب الأرض" أم على "سطح القمر"، النتيجة واحدة وهي أنهما أمام الملأ أصبحا "عصفوري كناري" ملتصقين طوال الحياة.
ولكن هل من اختلاف في مراسيم الزفاف بين الأمس والبارحة يمكن أن يؤثر على جوهر الفرح؟، ابتداءً من وضع "خاتم الزواج" في يدي العروسين، وانتهاءاً بتلك اللحظة الحاسمة التي يُقال فيها للعروسين :"العروس للعريس...والجري "للمتاعيس"؟!
وما من شكٍ أن لكل وقت أدواته، وتطورات العصر طرأت على كل شيء بما فيها احتفالات الأفراح، فما بين الحرص على "الفولكلور" الشعبي قديماً و"الصرعات" المستحدثة الآن سواء في الأغاني أو الموسيقى السريعة ونسيان عبق الماضي.
ففي الأمس القريب لم يكن الفرح ليقام إلا في منزل والد العريس، وكروت أفراح آبائنا خير شاهد على ذلك، وبدون "بهرجات" من سهرة للشباب وتوزيع النجف في عقد القران واستحضار كماليات الصالة، ترهق جيوب العرسان وآبائهم.