أدت خطوة قبول الاحتلال "الإسرائيلي" عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي مطلع أغسطس الماضي إلى حالة من الجدل والخلاف بين دول الاتحاد الذين لم يتم إطلاعهم على تفاصيل القبول.
ما سبق دفع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة التحذير من تصرفات قد تؤدي إلى تقسيم الاتحاد الأفريقي، وذلك تعليقا على تعنت وإصرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي فيما يتعلق بقبول عضوية "إسرائيل" كمراقب.
واعترضت أكثر من 24 دولة أعضاء في الاتحاد الأفريقي على قرار مفوض الاتحاد بشأن عضوية (إسرائيل)، وطالبت بعرض الأمر على أجندة المجلس التنفيذي الوزاري للاتحاد الأفريقي.
هذه الضغوط التي قادتها الجزائر تحديداً دفعت المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي -في ختام اجتماعاته في أديس أبابا - إلى تأجيل حسم قبول أو رفض منح الاحتلال صفة العضو المراقب في الاتحاد، وقرر إحالة الأمر إلى القمة الأفريقية المقرر عقدها في فبراير/شباط المقبل.
وعقد المجلس التنفيذي دورته العادية الـ39 يومي الخميس والجمعة الماضيين. وخلال ساعات من النقاش المستمر بشأن ملف منح الاحتلال صفة المراقب، طرحت الكثير من الآراء المتباينة، وهو ما دفع رئاسة الجلسة إلى اقتراح إرجاء الأمر لعرضه على قادة الدول الأفريقية في قمتهم المقبلة، لما سببته هذه المسألة من انقسامات غير مسبوقة بين دول الاتحاد.
د. باسم نعيم، مسؤول ملف العلاقات الدولية في حركة حماس أكد أن هذا الرفض للقبول الفوري لمنح صفة مراقب لدولة الاحتلال لم يكن ليتم لولا جهود الدول الصديقة للشعب الفلسطيني وموقفها المسؤول.
وشدد على تطلع الحركة إلى حسم هذا الأمر بشكل نهائي في القمة القادمة برفض انضمام هذا الكيان العنصري، تماشيًا مع تاريخ وحاضر القارة في النضال ضد الاستعمار والعنصرية، ودعمًا لنضال شعبنا من أجل الحرية والاستقلال.
وطالب نعيم السلطة الفلسطينية بتكثيف جهودها الدبلوماسية لمنع انضمام الكيان إلى الاتحاد، مستفيدة من حالة التضامن العربي والإسلامي، ومعظم دول القارة مع الشعب الفلسطيني.
الموقف الافريقي الأخير شكل انتكاسة للاحتلال الذي روج لدخوله الاتحاد كمراقب على أنه انتصار كبير لجهوده الدبلوماسية التي استمرت عشرين عاماً، كما اعتبر أنه اختراق كبير للموقف الافريقي الذي كان تاريخيا مؤيدا لحقوق الشعب الفلسطيني وضد الاحتلال.
وكان الاحتلال قد استعاد علاقاته مع قرابة 46 دولة أفريقية من أصل 55 دولة، وذلك جاء بناء على سياسة التمدد الإسرائيلي في القارة الافريقية.
وتؤكد الجهود التي أدت إلى تأجيل البت في عضوية الاحتلال، أن الدول العربية والأفريقية ما زالت تؤيد القضية الفلسطينية وترى فيها قضية عادلة.
ويظهر ما جرى أن الجهود العربية بقيادة الجزائر جاءت نتيجة إدراك هذه الدول لخطورة توسع نفوذ الاحتلال في أفريقيا، حيث ازداد حضور الاحتلال في القارة الأفريقية التي كانت من أبرز الداعمين للقضايا العربية خلال العقود الأولى من التحرر من الاستعمار، في حين يزداد الشرخ اتساعًا اليوم بين العالم العربي وأفريقيا.
لا سيما بعد أن فقدت القوى العربية الأشد تأثيرًا في المنطقة، خاصة مصر، عمقَها الأفريقي لفائدة قوى أفريقية جديدة على رأسها إثيوبيا التي تربطها علاقات وثيقة بإسرائيل.
ومن الغريب أن بعض الدول العربية التزمت الصمت حيال محاولات الاحتلال دخول الاتحاد رغم ما يحمله من تهديد صريح لأمن ومصالح دول عربية أفريقية عديدة، وأخرى لها مصالح ووجود في أفريقيا.