شكل انضمام الاحتلال الإسرائيلي إلى الاتحاد الافريقي بصفة مراقب صدمة بالنظر إلى الموقف التاريخي للاتحاد الداعم للقضية الفلسطينية على مستوى هياكل وأجهزة الاتحاد الإفريقي، حيث منحت فلسطين صفة العضو المراقب سنة 2013، كما تشارك فلسطين في الاجتماعات الدورية للاتحاد الإفريقي.
ولم تنجح دولة الاحتلال الإسرائيلي في الحصول على صفة المراقب بالاتحاد الإفريقي منذ 2002 لعدة أسباب، أهمها تأثير الزعامة والقيادة السياسية من خلال الدور الذي لعبه بعض القادة الأفارقة منهم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.
وتشمل الأسباب سيطرة بعض الدول المحورية المناهضة لإسرائيل على مناصب مفتاحية داخل الاتحاد الإفريقي مثل مفوضية الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي، بالإضافة إلى تأثير قوى إقليمية على دول تقع ضمن مجال نفوذها حاججت هذه الدول، خاصة الجزائر وجنوب إفريقيا والسودان سابقاً، بأن هناك تعارضاً قيمياً ومبدئياً بين ميثاق الاتحاد وقبول انضمام إسرائيل المصنفة كدولة احتلال عنصري.
ويبدو أن خطوة انضمام الاحتلال تواجه الكثير من الاعتراضات داخل الاتحاد، حيث بدأت الجزائر رسميا بتشكيل طاقم افريقي لرفض قرار إدخال إسرائيل في الاتحاد الافريقي للحفاظ على مبادئ الاتحاد ودعم الدولة الفلسطينية العربية.
وأكدت الجزائر أنّ من بين الدول: جنوب افريقيا، وتونس، وأرتريا، والسنغال، وتنزانيا، والنيجر، وجزر القمر، والغابون، ونيجيريا، وزمبابوي، وليبيريا، ومالي، والسيشل، وباركت هذه الدول أي خطوة تتخذها الجزائر ضد إسرائيل.
وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، أكد على أنّ الدبلوماسية الجزائرية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الخطوة التي قامت بها إسرائيل والاتحاد الافريقي دون استشارة الدول الأعضاء.
وأضاف، أنّ قبول الاتحاد الافريقي لإسرائيل عضوا مراقبا يهدف لضرب استقرار الجزائر التي تقف مع فلسطين والقضايا العادلة.
وترى الجزائر أن القرار الذي تم اتخاذه دون مشاورات موسعة مسبقة مع الدول الأعضاء لا يحمل أي صفة أو قدرة لإضفاء الشرعية على ممارسات وسلوكيات المراقب الجديد التي تتعارض تماما مع القيم والمبادئ التي ينص عليها القانون الأساسي للاتحاد الافريقي".
ويؤشر موقف الجزائر إلى أنها ستعمل من خلال الكتلة العربية في الاتحاد الافريقي (تونس ومصر والسودان..) وكذا مع الدول الافريقية المؤثرة ومن بينها أثيوبيا باعتبارها دول حاضنة لمؤسسات الاتحاد الافريقي، على محاصرة المد "الصهيوني" داخل هذه الهيئة القارية.
وعملت إسرائيل خلال العقدين الماضيين على تفكيك التكتل الافريقي الداعم للقضية الفلسطينية ونجحن جزئياً في السنوات الأخيرة عبر تطبيع علاقاتها مع بعض الدول، للتخفيف من حدة المواقف السياسية الداعمة للقضية الفلسطينية عبر الحوافز الاقتصادية، مع التركيز على تحسين العلاقات الثنائية مع الدول الإفريقية والمنظمات الإقليمية الفرعية كالأكواس بدلاً من التعامل مع الكتلة الإفريقية التكاملية الكبرى.
ونجحت إسرائيل عبر هذه السياسة في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع 46 دولة من أصل 55 دولة في الاتحاد الإفريقي، وهو ما سهل عليها تحقيق الطموح السياسي الأكبر المتمثل في الولوج إلى الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب.
وجرت تطورات كبيرة على المستويين المغاربي والافريقي، تمثلت الحالة الأولى في ارتفاع منسوب التوتر بين الجزائر والمغرب، بسبب ما وقع خلال الدورة الأخيرة للمؤتمر الوزاري لمنظمة دول عدم الانحياز والذي ميزه انزلاق الدبلوماسية المغربية بخصوص الوحدة الترابية للجزائر، وفضيحة التجسس الاسرائيلي "بيجاسوس"، أما الحالة الثانية فتمثلت في قبول دولة الاحتلال عضوا بصفة مراقب في الاتحاد الافريقي.
وينتظر وزير خارجية الجزائر أربع دول افريقية على الأقل في جولته المرتقبة، تشمل تونس وأثيوبيا والسودان ومصر، ويتوقع أن تكون عضوية دولة الاحتلال في الاتحاد الافريقي بصفة ملاحظ، من بين الملفات التي ستطرح على طاولة المفاوضات.
وتعتبر مصر من أكبر الدول المؤثرة في الاتحاد الافريقي، فيما تحتضن أثيوبيا مقر مؤسسات الاتحاد، والتي تتهمها الجزائر بأنها نسقت مسألة انضمام الاحتلال بشكل أحادي دون موافقة كل الدول، وهو موقف يأتي بعدما تغلغلت إسرائيل بشكل كبير في مؤسسات الاتحاد الافريقي، الذي يعتبر من أكبر المعاقل التي دافعت ولا تزال عن القضية الفلسطينية.