قائد الطوفان قائد الطوفان

"ما خفي أعظم" ووثيقة المحاور لجيش الاحتلال 

ما خفي أعظم.jpg
ما خفي أعظم.jpg

بقلم ناصر ناصر 

ينبع تعامل الاحتلال الاسرائيلي فيما يبدو مع ما وثقته قناة الجزيرة وبمهنية عالية من خلال برنامجها المميز "ما خفي أعظم 5-11 " من جرائم ارتكبتها اسرائيل بحق أسرى فلسطينيين عزّل ولا يشكلون أي تهديد في سجن النقب وجلبوع وأيضاً رامون ، ثم ما أثبتته بالصوت والصورة والوثيقة من حقيقة ما زالت اسرائيل تنكرها -وستستمر في ذلك على الأغلب – وهي اعتقال عناصر من الموساد كانوا في مهام أمنية تخريبية خارج فلسطين على يد جماعة "حرية" من جهة وما نشره ملحق صحيفة هآرتس 5-11-2021 من إنكار اسرائيلي وتستر وإخفاء مقصود لحقائق تتعلق بجرائم قتل واغتصاب ارتكبها جنود الاحتلال في قطاع غزة إبان الحكم العسكري في الأعوام 1956و1957 ، ينبع هذا التعامل من عقلية وسياسة إسرائيلية واحدة عميقة ومتجذرة في استخدام الإنكار والتستر على الحقائق ، وقد تم تنظيمها واعتمادها رسمياً في وثيقة السياسة الداخلية لارشيف جيش ودولة الاحتلال من العام 1988 وكشف عنها ملحق هآرتس والمسماة "بوثيقة المحاور"  أو بالعبرية " مسماخ هتسيريم " .
هي سياسة احتلالية ممنهجة لا يمكن وصفها أخلاقياً إلا بالحقارة والانحطاط والدناءة ، ولا ينفي هذا عنها صفة الحماقة السياسية النابعة من عقلية السارق والمجرم والمحتل الذي يحاول إخفاء سياساته الصارخة بل وعرض نفسه كديموقراطي وليبرالي وحيد في غابة الهمجية والتخلف العربي والاسلامي ، وتحمي هذا السياسة أو تعبر عن تلك العقلية قوة عسكرية غبية تُسمى الرقابة العسكرية "التنسورا" التي وُصفت وحتى برأي بعض المراقبين الاسرائيليين بأنها رقابة متخلفة لا تُدرك ما يدور حولها "أحمق من نعامة" ، خاصة في زمن التكنولوجيا المتطورة والاتصالات المتقدمة ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تقيّد وتضيّق هوامش الطغاة والمحتلين في محاربتهم لعدوهم اللدود وهو الحقائق .
 ولأن العرب والمسلمين وجمهور الجزيرة على وجه التحديد يدركون بعقلهم وفطرتهم هذا الواقع فقد صوت حوالي 60% منهم لصالح الرأي الذي يتوقع استمرار دولة الاحتلال في إنكار ما كشفه برنامج "ما خفي أعظم" .
ما هي وثيقة المحاور الغاشمة ؟ 
وما هو الجديد في جرائم قطاع غزة "تحديداً في 3-11-1956 في خانيوس و12-11-1956 في رفح "؟ والتي استشهد فيها وفق الرواية الفلسطينية التي أشارت اليها هآرتس : 275 شهيد في خانيونس و111 في رفح . نظمت وثيقة المحاور سياسة كشف المعلومات في ارشيف الجيش وأرشيف الدولة ، وشهدت عدة تعديلات كان آخرها فيما يبدو في العام 1988 ، ويُلاحظ هنا أنها ما زالت تصّر على إنكار أحداث تاريخية وقعت قبل عشرات السنين ، فكيف بالأحداث الحديثة ؟ هي لها أشد تسترا وإنكارا رغم تغير الظروف والمعطيات في مجال الاعلام .
تقول الوثيقة ووفقاً لما كشفه الباحث الاسرائيلي آدم راز في ملحق هآرتس 5-11-2021 "محاور ذات حساسية أمنية وسياسية وشخصية " يقول : جوهر الوثيقة ما زال قائماً رغم التعديلات وهي شاهد على العراقيل الكبيرة التي تضعها الدولة والجيش لمنع الباحثين والراغبين في الوصول لجذور الحقيقة ،وكشف راز بعض نصوص هذه الوثيقة مثل :
البند الثالث والذي يبحث في "مادة-معلومات قد تمس بصورة الجيش كجيش محتل لا يتمتع بالأخلاق" ، البند يمنع "نشر سلوك عنيف ضد سكان عرب -قتل غير مبرر ،اغتصاب ، سطو ونهب " .
قد يتعلق البند الرابع في وثيقة المحاور أو وثيقة التزوير الممنهج والمقنّن لما جرى في النقب ورامون وجلبوع ، حيث يؤكد البند حظر نشر المعلومات حول "سلوك عنيف ضد أسرى بعكس اتفاقية جنيف" وهذا ما تفعله اسرائيل اليوم بالضبط ، وكما نقل برنامج " ما خفي أعظم " قول ضابط من إدارة السجون وهو يحرض على الضرب والتكسير يقول " اكسر ولا قانون" ، والأدهى من ذلك أن الغالبية الساحقة من وسائل الاعلام الاسرائيلية التي تدعي التنور والديموقراطية تتعاون وتلتزم بوثيقة العار سالفة الذكر .
من اهم الشهادات الجديدة التي كشف عنها آدم راز في ملحق هآرتس : 
1.شهادة العميد شاؤول جفعولي التي تؤكد تلقيه اوامر بقتل أسرى في نهاية حملة "سيناء" ضد غزة عام 1956-57 .
2.شهادات تؤكد تعاون وتواطؤ وموافقة الحاكم العسكري في غزة والمسمى"د" على قيام الجنود بأعمال اغتصاب لنساء فلسطينيات تحت التهديد بالقتل مع تفاصيل تقشعر منها الأبدان .
3. كشف عن وثيقة هي عبارة عن رسالة جندي لصديقته يؤكد لها أنه شارك في قتل مئات من الفلسطينيين وأنه سيستمر في الانتقام منهم "وهم الآن في منع تجول وهي فرصة لأفعل بهم ما أشاء" .
من المتوقع فعلا ان يستمر الاحتلال بالإنكار والتستر على الحقائق الصادمة التي بثها برنامج "ما خفي أعظم" تماما كما فعل عبر تاريخه الملطخ بدماء الفلسطينيين والعرب ، فنشر الحقائق يتناقض مع أنظمته وقوانينه ولوائحه الداخلية ، ووثيقة تزوير المحاور شاهد على ذلك . 
فهل ستنجح اسرائيل أو ستصمد هذه المرة أمام الحقيقة ،خاصة ونحن في عصر "الجزيرة" وحرية وصول المعلومات!؟

البث المباشر