مقال: بالصوت العالي ..انه زمن الساحرة المستديرة

وسام عفيفة

انه عصر "التكور" بامتياز , على غرار "العولمة" ,لكن في العصر الحديث تلعب كرة القدم دورا متقدما على الصعيد المحلي والدولي, كما ان لهذه الرياضة أبعاداً سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.

وجدت هذه اللعبة في وطننا العربي ملعبا صالحا للشعوب و الأنظمة, في هذه الرياضة تمارس الجماهير المضطهدة  حقها في التجمع ,الصراخ  , الانتماء والتشجيع دون خوف.

أما الأنظمة فقد وجدت في الساحرة المستديرة حلا سحريا لتفريغ طاقة وغضب الشعوب المقهورة : في الملاعب وأمام القنوات الرياضية مارسوا كل ما تشتهون إلا السياسة.

بعد موقعة زيورخ في حرب "الفيفا" سيعيش العرب نشوة دولة قطر ,سيروا أن هذا الانتصار الرياضي يجب ما قبله من هزائم عسكرية وسياسية واقتصادية, وسوف يتشبثوا بعباءة الأمير القطري لينالهم نصيب من بركة استضافة المونديال في 2022.

أما على صعيد القوة المعنوية يبدو رئيس اتحاد الفيفا جوزيف بلاتر أكثر نفوذا من باراك اوباما رئيس الدولة  العظمى.. وتبدو دول أمريكا اللاتينية ,الاقوى في زمن "التكور"

اقتصاديا يمكن أن نحلم ان يكون لدينا مائة لاعب مثل ليونيل ميسي الذي تبلغ قيمته نحو 31 مليون دولار سنويا, او كرستيان ليوناردو (30 مليون دولار), لنكتشف ان لدينا ثروة قومية تغنينا عن النفط , و يمكن أن نستثمر في بورصة اللاعبين المحترفين , نبيع ونشتري في زمن تؤثر فيه البطولات والمونديالات على كثير من الخطط الاقتصادية في العالم.

لكن الواقع يبدو مختلفا في غزة الفقيرة المحاصرة ..حتى "كرويا" تفكر الأندية المحلية في شراء لاعبين مصريين للفوز بسباق بطولة الدوري العام.. حتى في الكورة نستورد ,بدلا أن نصدر محترفين.

اجتماعيا, فرض الانتماء لفرق مصرية او اسبانية  حالة غريبة تناقض حالة الانتماء السياسي السائدة.. فمثلا يتوحد الحمساوي والفتحاوي إذا شجعوا فريق برشلونة ..يقفزا فرحا بالفوز ويواسيا بعضهما في الهزائم ..وقد يتخاصم أبناء التنظيم الواحد إذا اختلفوا "كرويا" , وبهذا تصنع كرة القدم ما عجزت عنه السياسة.

و كما أن العولمة بكافة عناصرها مثال للتفوق الغربي ودول العالم الأول على العالم الثالث الذي نقبع فيه,فقد أجبرتنا العولمة أن نكون مفعولاً بنا ولسنا فاعلين,نبدو في زمن "التكور" ملعوب علينا ولسنا لاعبين,وما حققناه حتى في استضافة كأس العالم خطوة صغيرة لان الأهم أن نفوز بالبطولات والمونديال.

ورغم أن العالم الجغرافي العربي أبو الحسن الصوفي المتوفى عام 986م, هو أول من قال أن الأرض كروية, و صنع كرة من الفضة عظيمة الحجم,كانت أقدم كرة وصلت أخبارها إلى المهتمين بعلوم الجغرافية في عصره.

نبقى نتساءل.. لماذا لا نكون الأوائل بكرة القدم أيضا ونصبح سباقين بعلوم الرياضة في عصرنا .. "عصر الساحرة المستديرة".

البث المباشر