تعيش مدينة عقارب (جنوبي تونس) -اليوم الأربعاء- إضرابا عاما بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل تخللته وقفات احتجاجية من أجل التنديد بالتدخل الأمني لمواجهة احتجاجات رافضة لإعادة فتح مكب نفايات بالمدينة، فيما قال الاتحاد إن الإضراب سيكون حدادا أيضا على وفاة أحد المحتجين.
وقال مراسل الجزيرة في تونس إن الإضراب العام شل أغلب مناحي الحياة بمدينة عقارب الواقعة في محافظة صفاقس، وعطل العمل في المؤسسات العامة والخاصة، كما أغلقت المحال التجارية أبوابها.
وأفاد المراسل بوقوع إصابات في صفوف المحتجين وقوات الأمن بمحيط مكب النفايات في مدينة عقارب التي يتواصل فيها الاحتقان على خلفية قرار حكومي يقضي بإعادة فتح مكب نفايات أغلق سابقا بقرار قضائي.
كما أفاد شهود عيان في المدينة بأن قوات الأمن استعملت الغاز المدمع لتفريق المحتجين في محيط مكب النفايات.
وذكر الاتحاد التونسي للشغل -وهو أكبر منظمة نقابية في البلاد- أن إضراب اليوم احتجاج على "التدخل الأمني الوحشي والمفرط" في مواجهة المحتجين من سكان المدينة الرافضين لقرار السلطات إعادة فتح مكب النفايات.
وقال الأمين العام لاتحاد الشغل إن الوضع بمدينة عقارب سببه غياب التعامل الإستراتيجي مع الأزمات، وأشار إلى أنه يبحث مع أطراف بالمجتمع المدني ووزير الداخلية حلا للوضع في المدينة.
وأظهرت مقاطع فيديو -بثتها منصات التواصل الاجتماعي- بداية الإضراب العام وتجمع سكان عقارب في ساحة عامة من أجل الانطلاق في يوم آخر من الاحتجاجات، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي قيام قوات الأمن بإطلاق الغاز المدمع على محتجين حاولوا الوصول إلى مكب النفايات من أجل إعادة إغلاقه، وذكرت وكالة الأناضول أن عقارب تشهد انتشارا واسعا لوحدات الجيش.
وقال شهود ووسائل إعلام محلية في عقارب إنه مع استمرار التوتر في البلدة وصلت وحدات من الجيش إلى المدينة سعيا لحماية المباني والممتلكات العامة.
وأضاف الاتحاد أن الإضراب سيكون يوم حداد أيضا على وفاة أحد شباب المدينة، والذي يقول الاتحاد إنه توفي جراء اختناقه بالغاز المدمع أثناء التحركات الاحتجاجية مساء أول أمس الاثنين، فيما تنفي وزارة الداخلية الأمر، وتقول إن الوفاة كانت بسبب وعكة صحية.
تحقيق قضائي
وأعلنت النيابة العامة في المحكمة الابتدائية بصفاقس أمس الثلاثاء فتح تحقيق قضائي حول أسباب وفاة الشاب عبد الرزاق الأشهب، وقال المتحدث باسم السلطات القضائية في صفاقس مراد التركي -في تصريح لوكالة الأنباء التونسية- إنه "تم وضع جثة المتوفى على ذمة المصالح الطبية المختصة، لمعرفة الأسباب الكامنة وراء الوفاة".
وقد نددت منظمات مدنية وأحزاب سياسية في تونس بما وصفتها بالحلول الأمنية تجاه مشكلة "مكب القنة" للنفايات، وحمّلت 3 أحزاب -في بيان مشترك- الرئيس قيس سعيد المسؤولية السياسية عن أحداث عقارب، مطالبة بفتح تحقيق في الأحداث، ومن الأحزاب التي نددت بذلك التيار الديمقراطي (22 نائبا في البرلمان)، والتكتل من أجل العمل والحريات (لا نواب له)، والحزب الجمهوري (لا نواب له).
وحمّل صبري الزغيدي -الصحفي بجريدة الشعب التابعة لاتحاد الشغل- الرئيس التونسي سعيد مسؤولية ما يحدث في عقارب، مضيفا -في تصريح للجزيرة- أنه إذا استمر التعاطي الأمني فستكون هناك خطوات تصعيدية.
وقال الكاتب والإعلامي التونسي صالح عطية إن السلطة ليس لديها حلول لهذه المشكلة، ولم تتخذ أي إجراءات حتى الآن، مضيفا أن هناك مستفيدين من منظومة الفساد في هذه القضية.
أصل المشكلة
وتعود مشكلة مكب النفايات إلى العام 2018 عندما شهدت المدينة احتجاجات تحت شعار "خنقتونا" للمطالبة بإغلاق المكب، وبعد الاحتجاجات بأشهر صدر قرار قضائي أمر بإغلاقه بالنظر لمخاطره البيئية والصحية على السكان، وأمهل القرار الجهات التي تشغل المكب 6 أشهر لإزالة النفايات.
ولكن خلال العام الجاري 2021 أعادت وزارة البيئة فتح المكب مع اتخاذ عدد من إجراءات السلامة بعدما تسبب إغلاقه في تراكم آلاف الأطنان من النفايات المنزلية، وتسببت إعادة فتح المكب في احتجاجات كان أوجها ما حدث أمس، إذ أضرم محتجون النار في مركز للحرس الوطني بالمدينة.
واحتجاجات عقارب هي أول اختبار جدي لحكومة نجلاء بودن -التي عينها الرئيس سعيد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي- في كيفية الرد على الغضب والإحباط المتناميين بسبب سوء الخدمات العامة والظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الصعبة.
وكان الرئيس سعيد دعا وزير الداخلية توفيق شرف الدين ورئيسة الحكومة -في اجتماع معهما أول أمس الاثنين- إلى إيجاد حلول عاجلة للوضع البيئي في صفاقس الذي وصفه "بالكارثي".
المصدر : الجزيرة + وكالات