منذ عام 2005 لم تتوقف محاولات جمع شتات البيت الفلسطيني، بيد أن حركة فتح تُفشل في كل مرة تلك المحاولات وما زالت، وفي كل مرة يشهد طرف جديد على نوايا فتح المعطلة للمصالحة وإنهاء الخلاف الفلسطيني الداخلي، إلى أن وصل القطار إلى محطة الجزائر التي تتجهز لدعوة الفصائل للقاء جامع، رحبت به حركة حماس منذ اللحظة الأولى.
ورصدت "الرسالة" كل الاتفاقات التي جرت منذ عام 2005 وحتى يومنا هذا، وجاءت على النحو الآتي:
- إعلان القاهرة عام 2005: في 19 مارس 2005 وقعت الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية على إعلان القاهرة الفلسطيني، وكان الإعلان يمثل أولى محاولات جمع البيت الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير، بشرط إصلاحها وإحداث تغيير جوهري في نظامها.
فشل هذا الإعلان في تحقيق أي اختراق في الساحة الفلسطينية، نظرًا إلى أن حركة فتح لم تكن ترى أهمية للفصائل لا سيما حماس والجهاد.
- . وثيقة الأسرى عام 2006: في مايو 2006 وقع قادة فلسطينيين ممثلين عن 5 فصائل فلسطينية في سجون الاحتلال بما في ذلك فتح وحماس وثيقة للمصالحة الوطنية تعرف باسم وثيقة الأسرى، في أعقاب بدء الأحداث الداخلية بعد عدم تقبل فتح لنتائج انتخابات يناير 2006 التي أظهرت فوزا كبيرًا لحركة حماس.
وتم صياغة الوثيقة بهدف إنهاء الأحداث وحالة الانقسام التي بدأت تنشأ في ذلك الحين، وتشكيل حكومة وطنية، وتم تشكيلها بالفعل، إلا أن السلطة واصلت تخريب عمل الحكومة الجديدة من خلال تسجيل اعتداءات على مجلس الوزراء والمجلس التشريعي .
- اتفاق مكة 2007: وقّعت فتح وحماس في 8 فبراير/شباط 2007 بمكة المكرمة وبرعاية ملك السعودية آنذاك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، على اتفاق مصالحة يقضي بإيقاف أعمال الاقتتال الداخلي في قطاع غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ورغم أجواء التفاؤل الكبيرة التي رافقت التوقيع ، إلا أن حركة فتح من خلال أذرعها الأمنية الأمن الوقائي والمخابرات العامة استمرا في تخريب عمل الحكومة التي شكلت في ذلك الحين، واستمر الفلتان الأمني حتى وصلت الأحداث إلى ما جرى في 14 يونيو 2007.
- إعلان صنعاء 2008: في 23 مارس 2008 وقعت حماس وفتح إعلانا للمصالحة في صنعاء عاصمة اليمن، ودعا الإعلان إلى عودة قطاع غزة إلى حالة ما قبل يونيو 2007، إلا أن الخلاف ظهر في حينها، نتيجة تفسير العودة للغزة، ففتح رأت في ذلك تخلي حماس عن سيطرتها على القطاع، فيما فهمت حماس عودة عمل حكومة الوحدة برئاستها وقبول فتح بذلك، ما أدى إلى فشل الإعلان.
- الورقة المصرية 2009: بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية التي بدأت في نهاية 2008 وانتهى في يناير 2009، تجددت الوساطة المصرية بين الفصائل الفلسطينية، حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما بات يُعرَف بـ"الورقة المصرية" التي طرحتها في سبتمبر/أيلول 2009، إلا أنها فشلت بسبب اشتراط فتح باعتراف حكومة الوحدة الوطنية بشروط الرباعية الدولية.
- اتفاق القاهرة 2011. في 4 مايو 2011 في حفل أقيم في القاهرة وقع الاتفاق رسميا رئيس السلطة محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك خالد مشعل، كتمهيد لتشكيل حكومة انتقالية للتكنوقراط للتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية للسلطة الوطنية في سنة واحدة.
في يونيو 2011 تم تعليق المفاوضات المتعلقة بتشكيل حكومة وحدة بسبب الخلافات حول من سيكون رئيس الوزراء، أصرت فتح على استمرار سلام فياض، وكان مرفوضاً من حماس، كما اختلفت الحركتان على كيفية التعامل مع الاحتلال، فبينما تؤيد فتح السلام معه، رفضت حماس مطالب دولية بالتخلي عن سلاح المقاومة والاعتراف بـ "إسرائيل".
- اتفاق الدوحة 2012: وقعت حركتا فتح وحماس في العاصمة القطرية الدوحة في 6 فبراير 2012 اتفاقا للمصالحة، حيث وقع الرئيس الفلسطيني عباس -نيابة عن حركة فتح- وخالد مشعل -نيابة عن حركة حماس- بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية.
في مارس 2012 ذكر محمود عباس أنه لم تكن هناك خلافات سياسية بين حماس وفتح حيث توصلوا إلى اتفاق على منصة سياسية مشتركة وعلى هدنة مع "إسرائيل". في 1 أبريل قال إن المصالحة متعثرة مع عدم إحراز أي تقدم في مخطط الانتخابات.
- اتفاق الشاطئ 2014
يعتبر اتفاق الشاطئ من أهم اتفاقات المصالحة بين حركتي فتح وحماس. وقد تم عقب الاتفاق الذي جرى في 23 أبريل/نيسان 2014 ، تشكيل حكومة توافق فلسطينية، على أن يعقبها بستة أشهر إجراء انتخابات؛ لكن ذلك لم يحدث.
كان مصير الاتفاق الفشل نتيجة تجاهل حكومة رامي الحمد الله قطاع غزة بشكل كامل، حتى خلال الحرب الإسرائيلية عام 2014 غزة، ومنع وزرائه بالضفة من التواصل مع الوزارات بغزة.
- اتفاق القاهرة 2017
توصلت فتح وحماس يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017 إلى اتفاق برعاية مصرية في ختام جلسة حوار عقدت في القاهرة، ويقضي الاتفاق بـ"تمكين حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله من تولي كافة المسؤوليات في قطاع غزة، وأن يتولى الحرس الرئاسي الإشراف على المعابر ومعبر رفح الحدودي مع مصر".
وسبق هذه التطورات إعلان حركة حماس يوم 17 سبتمبر/أيلول 2017 حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى القطاع وممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا، إضافة إلى موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة، إلا أن المسار انتهى بمسرحية اغتيال الحمد الله فور دخوله غزة والتي كشفت خيوطها لاحقا بأنها من تدبير مخابرات ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات بالسلطة.
ومنذ ذلك الحين تعيش غزة في ظروف اقتصادية سيئة نتيجة اعلان عباس مجموعة من الإجراءات الانتقامية من قطاع غزة، وتمثلت الإجراءات بخصومات كبيرة على رواتب موظفي السلطة، وإحالة أعداد كبيرة منهم للتقاعد، ووقف التحويلات الطبية، ومنع الكهرباء (الإسرائيلية) من غزة، والتضييق على رواتب الأسرى والشهداء والجرحى، وكذلك مستفيدي الشؤون الاجتماعية.
- اتفاق إسطنبول
أعلنت الحركتان الاتفاق على "رؤية مشتركة" في بيانٍ صدر عنهما في إسطنبول بتاريخ 24 أيلول/ سبتمبر 2020، أعلنت خلاله أنَّ الاجتماعات تناولت "البحث حول المسارات التي اتُفق عليها في مؤتمر الأمناء العامين الذي انعقد مطلع شهر سبتمبر في رام الله وبيروت، وجرى إنضاج رؤية متفق عليها بين وفدي الحركتين.
وتم التوافق بين وفدي الحركتين على إجراء الانتخابات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزّة على قاعدة التمثيل النسبي الكامل في غضون ستة أشهر، حيث سيصدر الرئيس محمود عباس مرسومًا بذلك. ومن المقرر أنْ تُجرى انتخابات المجلس التشريعي في الجولة الأولى، ثم انتخاب رئيس السلطة الفلسطينية، وتليها انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.
وبعد بدء الترتيبات لعقد الانتخابات، وتجهيز القوائم ونشرها، أعلن عباس إلغاء الانتخابات بحجة عدم عقدها في القدس المحتلة، بدلا من اعتبارها محطة لمواجهة الاحتلال بالانتخابات وإرغامه على السماح للمقدسيين بها كما جاء في وجهة نظر حماس آنذاك.
- الدعوة الجزائرية:
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يرفع قبل أيام راية للمصالحة الفلسطينية، وقال إنه حصل على موافقة من محمود عباس لعقد لقاء جامع للفصائل الفلسطينية في الجزائر قبل انعقاد القمة العربية للبحث في المصالحة وغيرها من الملفات.
حركة حماس رحبت بدعوة الرئيس تبون، وثمنت الموقف الجزائري الداعم للقضية الفلسطينية والرافض للتطبيع مع العدو.
إلا أن التجارب السابقة تشير إلى أنه عندما يحين اجتماع عربي كالقمة العربية، أو اجتماع أممي كالجمعية العامة للأمم المتحدة، يبادر عباس بالحديث عن المصالحة والاجتماع مع الفصائل، وبالتالي قد تكون رغبة عباس بالدعوة الجزائرية مردها الاستهلاك الإعلامي أمام العالم في المرحلة المقبلة، ومن ثم ينهيها وكأنها لم تحدث.