قائد الطوفان قائد الطوفان

(إسرائيل) تلاحق حماس من جدران الشوارع حتى حائط فيسبوك

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت– مها شهوان

شقت حركة المقاومة الإسلامية حماس، منذ انطلاقتها ديسمبر 1987، طريقها الإعلامي الخاص بها؛ لإيصال رسالة المقاومة وشحذ الهمم، ففي السنوات الأولى، كانت وسيلتها الجدران والبيانات الحماسية، التي توزع في المساجد أو بالمظاهرات الشعبية وكله بالخفاء.

من عايش بدايات الحركة، يستحضر مشهد ذاك الشاب الملثم بالكوفية وهو يخط عبارات المقاومة والدعوة للجهاد، لكن غالبا كانت تتم العملية ليلا وتنتهي قبل صلاة الفجر، بعيداً عن أعين جنود الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة.

وكان الفلسطينيون، حين يفيقون في الصباح الباكر، يجدون رسائل المقاومة على الجدران، وكثيراً ما تسببت في اشتعال الأحداث الثورية ما بين جنود الاحتلال والشبان، كون الأخير يدرك جيداً الرسالة التي تريد المقاومة إيصالها لهم.

ولم يصمت جنود الاحتلال كثيراً أمام تلك الشعارات الثورية، بل كان يلاحق من يخطها ويعتقله، ويأمر المواطنون بمسحها، لدرجة أنه في كثير من الأحيان يقتحم بيت من خط على جدرانه الشعارات لمسحها ومن ثم يحاول استجوابه لمعرفة الفاعل.

وزاد عمل شباب حماس في الكتابة على الحيطان لاسيما خلال الانتفاضة الأولى، فقد كانت بداياتها عبارة عن آيات قرآنية وأناشيد، ثم تحولت إلى رثاء الشهداء ونعيهم، وقد يبدو للبعض أن هذا العمل كان هيناً لكن واقعيا كان خطراً يعرض من يفعله للموت بسبب جنود الاحتلال الذين كانوا يتربصون بالشباب في كل زقاق وحارة.

ولم تك العملية عشوائية، بل كانت هناك آلية للعمل والتنسيق بين الأفراد حيث ينقسمون إلى مجموعات، واحدة تبدأ بطلاء الجدار باللون الأبيض للكتابة عليها، والثانية لتؤمن الطريق خشية وصول جيبات الاحتلال الإسرائيلي أو العملاء.

بعد وقت قصير تطور الأمر من الكتابة على الجدران إلى الكتابة على "القماش" لصنع رايات كانت ترفع في المظاهرات ضد الاحتلال، أو تعلق في الشوارع.

ومع تطور وسائل التكنولوجيا، واكبت حماس التطور في رسالتها الإعلامية. فرغم المحاولات السابقة في ملاحقة محتواها على الجدران والمنشورات المطبوعة، أصبحت هدفاً للاحتلال عبر مواقع التواصل الرقمية "فيسبوك، تويتر، تلجرام، واتساب،" وبات هناك جيش كامل يترصد للمحتوى المقاوم، فأغلقت إدارة تلك الوسائل صفحات موثقة يتابعها الملايين، وتم حظر المئات من الحسابات بسبب تغريدات تدعم المقاومة أو ترثي شهيداً.

قانون سلطة المعلومات

وهنا يعلق سمير النفار، خبير مواقع التواصل الاجتماعي بالقول: "هناك هجمة منظمة ضد محتوى المقاومة وبالتحديد ضد محتوى حماس (..) كافة منصاتها يتم حذفها مباشرة ولا يصرح لها بإنشاء صفحات على المواقع التواصل، فهي تلاحق بحجة أنها تتبع لحركة إرهابية كونهم يعتمدون على لوحات الإرهاب الأمريكية".

وتابع النفار "للرسالة نت": "كل شيء يتعلق بحماس يحظر كليا، سواء كتابة منشور أو استخدام كلمات تدلل عليها كأسماء قادتها "العياش، السنوار، هنية" أو الشهداء، أو كلمات تتعلق بالمقاومة أو السلاح.

ووصف محاربة المحتوى الفلسطيني المقاوم، لا سيما التابع لحركة حماس، بأنه يأتي ضمن الحرب الممنهجة كي لا يبقى أي محتوى إلكتروني مؤرشف على المنصات، لذا مواقع التواصل الرقمية وتحديداً الفيسبوك تشطب كل المحتوى المقاوم كي لا يبقى للأجيال المقبلة أي نقطة ضوء يمكن من خلالها الاستهداء لطريق المقاومة.

وبحسب متابعته، يجد النفار أن مواقع التواصل الاجتماعي تتجه نحو الأسوأ وفرض المزيد من الرقابة على المحتوى وكل ما يتعلق بالحركة من "الشعار والاسم ومشاهد الملثمين والصواريخ"، مشيراً إلى أنه لا يوجد أمام الناشر فرصة، فسرعان ما يتم حذف المحتوى دون إنذار.

ويرجع الخبير في مواقع التواصل الاجتماعي أسباب تضييق الخناق على المحتوى الفلسطيني إلى قانون سلطة المعلومات والتكنولوجيا الذي أقرته وزارة القضاء الإسرائيلية عام 2015 لاستهداف منصات التواصل الاجتماعي تنفذه وحدات تابعة للجيش الإسرائيلي.

وأوضح النفار أن قانون سلطة المعلومات والتكنولوجيا الإسرائيلي يلزم منصات التواصل الاجتماعي، وفي حال لم تستجب لها تحاكمها وفق هذا القانون، مبينا أن المنصات تخشى الملاحقة القانونية وبات يسهل عليها أن تأتي على الجانب الفلسطيني وتحذف محتواه الخاص سريعاً دون ضجيج.

وذكر أن هناك أيضا 4 وحدات تتبع للاحتلال الإسرائيلي لمحاربة المحتوي المقاوم وهي عبارة عن فرق إلكترونية ضخمة منها "لاف 433، وسايبر التابعة للقضاء".

عمليات التبليغ والحظر

وفي السياق ذاته، يقول إياد القرا رئيس المركز الشبابي الإعلامي إن جهوداً كبيرة تبذل في أكثر من اتجاه لرصد الاختراقات ومحاربة المحتوى الفلسطيني على أكثر من بعد، لذا هناك رصد لتلك الاختراقات لإيجاد أدوات تتجاوز عمليات الحظر وإطلاق تطبيقات جديدة مثل "بال فلتر"،
لمعالجة الكلمات التي يتم حظرها بناء على ما يسمى معايير النشر في مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك، لكنه يغيرها من حين لآخر.

وأكد القرا "للرسالة نت" أن هناك محاربة مستمرة لتلك الأدوات، حيث ينتهج الاحتلال سياسات جديدة عبر عمليات التبليغ لحظر المحتوى الفلسطيني المقاوم، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج إسناداً قانونياً حيث تم تقديم أكثر من مبادرة مدعومة من مؤسسات حقوق الإنسان للضغط على إدارة منصات التواصل الاجتماعي للتوقف عن حظر المحتوى الفلسطيني، لكن الاحتلال يقف بالمرصاد كونه شريك فيها.

ووفق قوله، فإن عمليات الترصد للمحتوى الفلسطيني خاصة المقاوم ليست وليدةة اللحظة، فمنذ انطلاقة حماس وبدء عملها هناك ملاحقة لمحتواها يتم الترصد له ومحاربته منذ الكتابة على الجدران وحتى النشر على حيطان مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

 

البث المباشر