بينما تحيي حركة المقاومة الإسلامية حماس ذكرى تأسيسها الرابعة والثلاثين، وسط حالة من الشعور بنشوة الانتصار والقدرة على الصمود والبقاء في وجه العديد من المؤامرات والاغراءات والمخططات التي كانت تهدف إلى استئصالها والقضاء عليها، فإن ثمة تحديات وعقبات مطالبة الحركة باجتيازها والمحافظة على ثباتها في وجه العواصف ورياح التقلبات السياسية الدولية والتعامل مع المستجدات وفق ما يمكنها من المحافظة على ثوابتها والمضي في طريق التحرير والمقاومة.
- الحصار والإعمار
نجحت الحركة، التي تلاحق وتحارب منذ نشأتها، في إحداث تصدعات لجدار الحصار الإسرائيلي الذي يهدف إلى خنقها وباقي فصائل المقاومة في قطاع غزة، لا سيما وأنها استطاعت، بقوة المقاومة وتنوع أدواتها، أن تخلق حالة من تغير موازين القوى والضغط على الاحتلال الإسرائيلي.
واستطاعت حماس ومعها الفصائل خلق حالة ضغط وإزعاج وإشغال لجيش الاحتلال على طول الشريط الحدود؛ بعد تعزيزها للمقاومة الشعبية، وابتكار فكرة مسيرات العودة، التي أجبرت الاحتلال والوسطاء من الهرولة لقطاع غزة والاستماع لمطالب المقاومة.
وما بين حالة المد والجزر، تمكنت حماس من إحداث خرق في جدار الحصار وإيصال رسالة للجميع بأن استمرار سياسة الخنق والتضييق على قطاع غزة لم يعد من المقبول التسليم بها، وأن الانفجار الشعبي سيكون باتجاه الاحتلال وحده.
فيما يكمن التحدي الأبرز أمام الحركة في إنجاز ملف الإعمار، وأرسلت حماس رسائل ساخنة قبل أيام بإمكانية عودتها للتصعيد والمواجهة مع الاحتلال حال استمرت المماطلة في إعادة الإعمار بعد مضي 6 أشهر على انتهاء معركة سيف القدس، التي جسدت فيها المقاومة وحدة الجغرافيا وفرضت معادلة بأن المس بالقدس والأقصى يعد لعباً بالنار، من شأنه أن يشعل كل الجبهات.
- علاقتها الدولية والإقليمية
تتشابك التعقيدات والمتغيرات الدولية والإقليمية وسط بيئة من الرمال المتحركة والتقلبات السياسية، فيما تحاول الحركة الموازنة والحفاظ على تعزيز علاقتها خارج حدود فلسطين المحتلة.
وما بين التناقضات والسير على الحافة، تحاول الحركة رسم سياستها وتشبيك علاقاتها بميزان الذهب، أمام هذا التحدي؛ خاصة في ظل وجود تيارين أحدهما سقط في وحل التطبيع مع الاحتلال وآخر معاد له، إلى جانب العلاقة مع باقي الأطراف الدولية والغربية المتعددة وسط تحديات جمة تمر بها الحركة.
إقليمياً، تعمل حماس على توطيد علاقاتها بالدول التي تقف إلى جانب القضية الفلسطينية، ونجحت الحركة في الموازنة ما بين علاقاتها بالشقيقة مصر إلى جانب تعزيز علاقاتها بإيران وقطر وتركيا وسوريا والأردن وجمعت بين التوجهات المختلفة دون إخلال بالمصلحة الوطنية أو الخاصة بها.
وتزامناً مع ذلك، تحافظ الحركة، من خلال علاقاتها مع الإقليم، على عدم التدخل في شؤون تلك الدول داخليا، واقتصارها على جلب دعم تلك الدول للقضية الفلسطينية.
دولياً، وعلى المستوى الدولي والغربي، فإن حماس تعمل على تجاوز تحدي المقاطعة ومطالبة بالعمل على تقوية علاقاتها بالقوى الدولية والحفاظ عليها من خلال اللقاءات المستمرة، فيما ترفض الحركة أي علاقة من شأنها أن تضر بالقضية الفلسطينية.
وتحرص الحركة على تعزيز العلاقة مع روسيا على اعتبار أنها حليف قوي وفعّال في القضية الفلسطينية وتفسح لها المجال سياسيا، خاصة وأنه سبق لموسكو أن لعبت دوراً مهمًا في ملف المصالحة.
وترفض حماس إقامة أي علاقة مع الدول التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل مطلق، وتلاحق الحركة وتضعها على قائمة "الإرهاب الدولي" كأمريكا وبريطانيا، وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي.
- الوحدة الوطنية
تعتبر حماس أن تحقيق الوحدة الوطنية واحدة من أهم الثوابت لديها، على اعتبار أن ترتيب البيت الفلسطينيـ وإنجاز هذا الملف له أهمية كبيرة يمكن الانطلاق به نحو باقي الملفات الأخرى وأهمها بناء استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي واستكمال مشروع التحرير.
نجحت الحركة في توحيد البندقية وتشكيل جبهة مقاومة داخلية موحدة بعد إنشاء الغرفة المشركة لفصائل المقاومة والتي سددت ضربات قوية من خلالها للاحتلال الإسرائيلي وخاصة في معركة سيف القدس الأخيرة.
فيما يبرز التحدي الأكبر أمام الحركة في إنجاز وإحداث اختراقه بملف المصالحة في ظل تعنت حركة فتح وهروبها من استحقاق المصالحة، لذلك تعمل حماس على تذليل كافة العقبات من أجل تحقيق تقدم في هذا الملف.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، قبلت الحركة بجميع المبادرات والوساطات الرامية لتحقيق الوحدة ووافقت على الشروط التعجيزية التي كانت تفرض عليها، في المقابل كانت تواجه بالمزيد من المماطلة والتسويف من الفريق الذي يدير السلطة ويسعى إلى الحفاظ على مكاسبه الشخصية.
- الخطاب السياسي
تحافظ حماس منذ انطلاقتها على تعزيز الخطاب الوحدوي والجامع والداعم للقضية الفلسطينية، بعيداً عن التجريح والتشهير والكراهية، ورغم الاحتقان والخلاف الداخلي إلا أن الحركة حافظت على أن تكون على قدر عالِ من المسؤولية الوطنية والأخلاقية.
ولا ينفك الخطاب الإعلامي والسياسي لحركة حماس يدعم القدس ومساندة أهلها والتلويح والتنبيه بالخطر المحدق التي تتعرض له القدس والمسجد الأقصى المبارك، وهو ما يتطلب من الجميع وعلى المستويات كافة الوقوف عند مسؤولياتهم إزاء نصرة المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك وحمايتهم.
خارجيا؛ تسعى الحركة على الدوام إلى تحسين خطابها السياسي والإعلامي الموجه لدول الغرب؛ في محاولة لتوضيح الصورة المشوهة التي رسمها الاحتلال في أذهان تلك الدول، ومحاولة كسب تعاطفهم لصالح القضية الفلسطينية.