أكثر من خمس عمليات فردية نُفذت مؤخراً في الضفة والقدس، وجمعيها فاجأت الاحتلال الإسرائيلي وأحرجته، كونها أوقعت خسائر بشرية ومادية في صفوفه؛ رغم أنها فردية لا ينتمي أصحابها إلى فصيل سياسي، خاصة في ظل تفاخره بقوة منظومته الأمنية.
نجاح العمليات الفدائية في الضفة والقدس خلال السنوات الماضية، شجع الكثير من الشبان لا سيما من يسكنون قرب مناطق التماس مع الاحتلال، ويعيشون انتهاكاته اليومية المستفزة، للرد على الجنود الإسرائيليين من منطلق "العين بالعين والبادىء أظلم".
وتولدت لدى الاحتلال الإسرائيلي مخاوف وقلق من تكرار نوعية العمليات، خاصة أنها تثير حماس الشباب وتدفعه لتنفيذ المزيد؛ لتشكل نهجاً جديداً في مقاومة المحتل، عدا عن أن (إسرائيل) ترى أن الأحداث الأخيرة من شأنها أن تعمل على إشعال الضفة المحتلة في أية لحظة.
مرحلة الاستنزاف
يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عماد عواد إن ساحة الضفة الغربية تعيش منذ سنوات حالة العمليات النوعية، موضحاً أنه لا يوجد فيها هدوء، فالشاباك دوما يصف حالتها بالهدوء الخادع.
وذكر عواد لـ "الرسالة" أن الاحتلال اليوم يجد نفسه أمام معضلة كبيرة، تكمن في العجز عن التأقلم مع هذا الواقع بمعنى أنه يريد الهدوء كونه يدرك أن مشروعه قائم على الأمن والهدوء والاستقرار.
وأوضح أن ردة فعل الاحتلال ما بعد العمليات البطولية تكون أكثر قسوة، حيث تشهد ساحة الضفة مزيداً من الاعتقالات ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وشرعنة المستوطنات العشوائية.
وعن خطورة استمرار العمليات الفردية على الاحتلال، يرى عواد أن الاحتلال يعيش مرحلة الاستنزاف الذي يؤدي للانهيار المفاجئ، موضحاً أن انتشار العمليات وتوسعها من جانب وعجز المستوطنين عن التحمل، سيؤدي إلى مواجهة أكثر قسوة، وسيكون الاحتلال خاسراً كما العادة، بالإضافة إلى أن تلك الأحداث تدفع الشعب الفلسطيني لإعادة تنظيم نفسه ومواجهة الاحتلال.
واعتبر أن خطورة العمليات الفردية بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، في بقاء المقاومة في ذهن الفلسطيني، لافتاً إلى أن قوة العمليات الفدائية ليست بعدد القتلى بل تقاس بأمرين الأول استمرار نهج العمليات، والثاني تنفيذ العمليات من دوائر خارج حسابات الأمن الإسرائيلي.
وأوضح عواد أن العمليات الأخيرة من أشخاص ليسوا في حسابات الأمن الإسرائيلي، مبينا أن الفئة التي تنفذ غير ملاحقة لعدم انتمائها للمقاومة وليس لها تاريخ نضالي أمني مثل الشهيد عمر أبو ليلى الذي نفذ عملية سلفيت المزدوجة عام 2019 ونتج عنها مقتل مستوطنين وإصابة آخرين بجروح، فبحسب الاحتلال فإنه لا بوادر لنزعة وطنية أو دينية.
وفي السياق ذاته، يؤكد عادل سمارة المحلل السياسي أنه من الطبيعي طالما أن هناك احتلالاً أن تكون عمليات فدائية وشهداء.
ويوضح لـ "الرسالة" أن العمليات التي يقودها أفراد هي مقدمة لعمل بطولي أوسع، مشيراً إلى أن العمليات الفردية تعد روافع لتجاوز الأزمة نحو نضال عام.
ورد سمارة على ما يعلنه الاحتلال بأن من ينفذ العمليات البطولية ليس له انتماء سياسي أو ديني بالقول: "الشباب لديهم انتماء وطني وهو أقوى من الفصائلي، وبالتالي يرفض العدو فهم أن الانتماء الحزبي فرعي نابع عن الوطني".
وآخر عمليات الشباب المقاوم في الضفة كانت مساء الخميس حين فتح مسلحون النار على 3 إسرائيليين قرب مستوطنة حومش غرب مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية، مما أسفر عن مقتل أحدهم وإصابة الآخريْن بجراح.