قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: التطبيع إلى أين؟

د. محمد حسن أبو شباب// باحث وكاتب سياسي

سعى الاحتلال الصهيوني منذ إنشاء كيانه إلى تطبيع علاقاته مع الدول العربية والإسلامية، بل إنّ هناك جذوراً للتطبيع قبل النكبة وقيام هذا الكيان.
وقّعت بعض الدول العربية اتفاقيات سلام مع الكيان الصهيوني، فبدأت مصر باتفاقية "كامب ديفيد"، ثم تلتها الأردن باتفاقية "وادي عربة"، ومرورا باتفاقية "أوسلو" التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية.
هذه الاتفاقيات وإن كانت الدول الموقِّعة ترى أنها حل لبعض مشكلاتها، إلا أنّ المحتل الصهيوني يرى أنها فرصة كبيرة لشرعنة وجوده في المنطقة.
هذا الكيان الذي يُشكّل سرطاناً في المنطقة العربية، لا يريد لنفسه أن يكون معزولاً عن محيطه، فبدأ ببثّ سمومه مستثمراً تفوقه العسكري، والتكنولوجي، والاقتصادي... والتقاءً مع مصالح بعض الدول العربية، أو إن شئت قل مستغلاً بعض نقاط ضعفها، فكان توقيع اتفاق "أبراهام" الشهير في العام 2020م، والذي بدأت بتوقيعه دولة الإمارات العربية، تلتها دولة البحرين، ولعل من دوافع هذا الاتفاق أن هاتين الدولتين تريد حماية أو حلفاً أمريكياً إسرائيلياً في وجه البعبع الإيراني.
ثم تلتهم دولة المغرب، وقد كان الاتفاق عبارة عن صفقة تعترف بموجبه الولايات المتحدة الأمريكية بحق المغرب في الصحراء الغربية على حساب الجزائر، وهذا ما بدا واضحاً في الآونة الأخيرة، حتى وصل إلى حد القطيعة بين البلدين.
وليس أخيراً دولة السودان التي وقّعت اتفاق التطبيع بعد الانقلاب العسكري فيها.
ويمكن الوقوف على قضية التطبيع من خلال الآتي:
- التطبيع ليس جديداً، وإن ظهر فوق الطاولة مؤخراً.
- أغلب الأنظمة التي وقّعت اتفاقيات التطبيع كانت ترى فيها فرصة لحل جزء من مشكلاتها، أو تأميناً لبعض هواجسها، ولكن الاحتلال يرى فيها فرصة لشرعنة وجوده.
- تنوّعت أشكال التطبيع مع الاحتلال، فمنها الأمني، والسياسي، والاقتصادي، والثقافي، والإعلامي.
- بعض الدول لم توقّع اتفاقيات رسمية مع الكيان، ولكنها تتعاون معه، وتتبادل معه الزيارات التطبيعية، واستضافت قيادته على أراضيها.
- لا بد من التصدي لموجات التطبيع، وهذه ليست معركة الفلسطينيين وحدهم، بل إنها معركة وعي جماعي، يجب أن يتبناها أبناء الأمة جميعاً.
وخلاصة ذلك: لن نستغرب من توقيع أنظمة عربية جديدة اتفاقيات تطبيع مع الاحتلال، وقد بدأت إرهاصاتها عن بعضهم، ولكننا نحن -الفلسطينيين- نعوّل على شعوبنا العربية والإسلامية التي ما زالت تنبض بحب فلسطين، وترفض مشاركة الكيان الصهيوني في أنشطته المختلفة، وعلى رأسها الرياضة.

البث المباشر