غدير مسالمة.. هكذا تموت الأمهات في الطريق إلى "سنجل"

الرسالة نت- رشا فرحات

عند مدخل بلدة سنجل، قُتلت السيدة الستينية غدير مسالمة، وهي عائدة من عملها، حيث يختار المحتل طريقة موتنا على مزاجه، يحدد المكان والزمان، وهنا على مدخل البلدة قرر مستوطن إسرائيلي أن يتسلى بقتل غدير مسالمة دهساً.

سيارات الإسعاف التي هرعت إلى المكان ومحاولات المسعفين أن يبثوا حياة على الطريق في جسد أم استنزفتها الدماء المراقة حقداً على كل فلسطيني، لم تفلح في إنقاذ حياة الستينية التي عاشت حياتها تصارع على ثلاث جبهات.

الستينية غدير مسالمة تحدت مرض السرطان وخرجت منه منتصرة قبل خمس سنوات، وتحدت وحدتها وزوجها دون أطفال، بأن فازت بعشرات الأبناء المشيعين الذين لم يخرجوا من رحمها، ولكنهم كفنوها ودفنوها وشيعوها كما ينبغي للابن البار أن يفعل.

ولكن غدير في ظل هذا التصلف الذي يعاني منه العالم الأخرق، قُتلت على مفترق الجبهة الثالثة، وربحت التحدي الفلسطيني الأكبر، حينما دهستها سيارة مستوطن بدم بارد قبل أن يفر، ويهرع جنود وسيارات الاحتلال إلى المكان خوفاً على حياته وليس على حياة امرأة فلسطينية تموت على الطريق.

أما الزوج المكلوم، صالح أبو حمدة ٦٧ عاما، فسيكمل حياته مبتور القلب دون شريكته، وعكازه حيث كان يقول " مستوطن سرق حياتي يا عمي راحت صاحبتي، كانت معي في الشغل روحنا يا ريت ما روحنا"، هناك حيث يقيمان في بلدة سنجل سيعود الحاج أبو حمدة بنصف روح إلى نصف بيت بارد وحيداً دون صاحبته.

شهود العيان بؤكدون أن المستوطن ضرب الحاجة مسالمة متعمداً، في ذات المكان الذي دهس فيه مستوطنون آخرون طفلتين فأصابوا واحدة وقتلوا اختها، قبل سنوات.

يجمع كل من عرف غدير أنها كانت امرأة تستحق الحب، وتستحق هذا التشييع المهيب الذي خرجت فيه بلدة سنجل كلها، فقد كانت سيدة محبة تشارك الجميع أفراحهم وأحزانهم.

الشهيدة غدير تعيش ما بين رام الله وسنجل، ولكنها كانت تحب أن تقضي أوقات فراغها وعطل زوجها في سنجل، وقد أتت مساء الخميس لتقضي يوم الجمعة كاملا في رحاب قريتها مع زوجها، ثم اختارت الإقامة فيها للأبد.

وانطلق موكب التشييع من مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله باتجاه منزلها في البلدة، ومن ثم حمل المشيعون الجثمان الذي لُف بالعلم الفلسطيني، وجابوا به شوارع البلدة، مرددين الهتافات الغاضبة والمنددة بجرائم الاحتلال والمستوطنين بحق شعبنا، ومن ثم أدوا صلاة الجنازة على الجثمان قبل مواراته الثرى في مقبرة البلدة.

بلدة سنجل أصبحت محاصرة بالاستيطان من كل الجهات، بعد أن أضاف الاحتلال هذا العام كرفانات جديدة من شأنها أن تكون طريقاً يمهد لمصادرة المزيد من أراضي البلدة ما يجعلها مرتعاً للمستوطنين الضالين الذين يبحثون عن فريسة في البلدة.

وقد حذر رئيس بلدية سنجل، معتز طوافشة، مسبقاً من الحال التي أصبحت بها البلدة، حيث يلفها الاستيطان من كل الجهات، وقد بنى الاحتلال خمس مستوطنات تحيط بالقرية فوق آلاف الدونمات من أراضيها، ويمنع السكان من الوصول إلى أجزاء كبيرة منها.

وهكذا، فإن ربط المستوطنات الخمسة ببعضها يؤدي إلى تشكيل كتلة استيطانية ضخمة تلتهم آلاف الدونمات من أراضي القرية، وتحوّل الأهالي إلى أسرى داخل بيوتهم وأراضيهم، أو ربما شهداء على قارعة الطريق المؤدية إلى سنجل.

القتل الممارس على أهالي القرى في الضفة الغربية من المستوطنين يأتي ممنهجاً ومقصوداً، وتتحدث الأرقام أنه في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021، كان هناك 410 اعتداءات من المستوطنين ضد الفلسطينيين منها 302 ضد الممتلكات، و108 ضد الأفراد، منهم أربعة شهداء،  وذلك حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

 

البث المباشر