تحولت مداخل قرية برقة إلى ساحة حرب بين شبانها وقطعان المستوطنين الذين يحاولون دخولها تحت حماية الجنود (الإسرائيليين)، فمنذ أيام تشتعل الأحداث فيها لكن الليلة الماضية زحف العشرات من شبان القرى والمدن المجاورة لمؤازرة شباب برقة.
هذه المرة لم ينتظر شباب برقة أن يتسلل قطعان المستوطنين ليلاً لبلدتهم، بل وقفوا لهم بالمرصاد رغم الرصاص المعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع الذي كان يقذفه جنود الاحتلال تجاه المرابطين على بوابات القرية.
ما يجرى في برقة ردة فعل طبيعية تجاه ما يخطط له المستوطنون فهم يريدون العودة إلى البؤرة المخلاة منذ عام 2055 والاستقرار فيها على حساب أراضي أهالي برقة الخاصة، لم يصمت الفلسطينيون حيال ذلك؛ فعلت مكبرات الصوت في مساجد القرية وما يجاورها من البلدات مساء السبت طلباً للتوجه إلى المدخل الغربي للقرية لإفشال المخطط، ومنذ تلك اللحظة والمواجهات مستمرة.
وتستلهم برقة وأبناؤها قوتهم من بيتا التي لا تزال تتصدى للمستوطنين وتمنعهم من بناء مستوطنة على جبل صبيح، فمنذ اليوم الأول لأحداث برقة وأهالي بيتا في خط الدفاع الأول معها.
ووصفت اعتداءات المستوطنين بالأعنف منذ قرار رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون إخلاءها عام 2005.
وتبلغ مساحتها 26 ألف دونم ويقطنها قرابة 4500 فلسطيني. أخليت مستوطنه "حومش" القريبة منها عام 2005، وانتزع المزارعون الفلسطينيون 2013 قراراً قضائياً من المحكمة العليا في الاحتلال باستعادة نحو 1200 دونم من أراضيهم الزراعية التي صادرها الاحتلال منهم عام 1978، بعد أن مُنعوا لسنوات من دخولها لذرائع عدة ساقها الاحتلال.
وفي عام 2009 شرع مستوطنون بتأسيس مدرسة دينية مكان مستوطنة "حومش" وذلك بحماية جيش الاحتلال، حيث يقيم في هذه المدرسة عشرات المستوطنين المتطرفين وينفذون عمليات اعتداء على القرى الفلسطينية.
معادلتين في بيتا
يعقب مجدي حمايل المحلل السياسي على ما يجري في برقة بالقول: "تجربة بيتا نموذج يعمم في قرى وبلدات الضفة المحتلة لحماية أراضيها من الاستيطان"، موضحاً أن ما اتبعته بيتا من إرباك ليلي ونهاري واتخاذ المقاومة الشعبية سبيلاً لمواجهة الاستيطان دفع القرى المحاورة لاستلهام هذا النموذج كما يجري اليوم في برقة.
ويوضح حمايل لـ "الرسالة" أن ما يحدث في برقة يشبه ما جرى في بيتا قبل عدة شهور، لكن المختلف أن بيتا كانت تقاوم وحيدة وتجربتها في الصمود شجعت الجميع ليهب من أجل برقة، كونهم أدركوا أن المقاومة الشعبية يمكنها الوقوف في وجه المحتل ومخططاته الاستيطانية.
وبحسب المجلل السياسي، فإن بيتا أقرت معادلتين على الساحة الفلسطينية، الأولى علاقة الفلسطيني مع الاحتلال، فالأخير دوماً حكومته متخوفة من تعميم تجربة بيتا كون ذلك سيشعل الضفة المحتلة وفق ما تورده الصحافة العبرية على ألسنة المسئولين فيها.
وأما المعادلة الثانية لفت حمايل إلى أنها تكمن في العلاقة الفلسطينية الداخلية، حيث بات الجميع يهب عند الاعتداء على أي بلدة دون تركها لقطعان المستوطنين، حتى أدركت القيادة الفلسطينية بمختلف الانتماءات السياسية أن ما يحدث في برقة يعتبر نموذجاً جديداً فرضته بيتا.